يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الثلاثاء, 15-نوفمبر-2011
شبكة أخبار الجنوب - فيصل جلول فيصل جلول - شبكة اخبار الجنوب -

مع بدء الأزمة السياسية في اليمن عدت قليلا إلى التاريخ السياسي لهذا البلد كي أعاين تجارب الحكم السابقة وقد توصلت إلى خلاصة مفادها أن فترات الحكم الناجح في هذا البلد هي تلك التي تم الاتفاق فيها على طبيعة السلطة وتسلمها بواسطة المساومة والتوافق الوطني..


وان فترات الحكم الفاشل هي تلك التي تمت بواسطة الانقلابات العسكرية والعنف الدموي وقد سجلت هذه الخلاصة منذ حوالي ثمانية اشهر في هذه الزاوية في مقال بعنوان حوار الشجعان وحوار الطرشان واعيد اليوم نشر المقال مع تعديل طفيف ذلك أن تجربة الشهور الثمانية الماضية قد بينت أن الحرب الأهلية تعصف باليمن وان السلطة لم ولن تنتقل بالإكراه والعنف والانقلاب العسكري وان الخروج من المأزق الراهن يتم بشرط واحد هو العودة إلى المربع الأول أي الحوار ومن ثم الحوار ولاشيء غير الحوار وفيما يلي خلاصة تجارب السلطة السابقة في النصف الثاني من القرن العشرين.


يفصح التاريخ السياسي لليمن الجمهوري عن أن التغيير الناجح للسلطة كان يتم على الدوام عبر المساومة السياسية بين الأطراف الفاعلة في الحكم والمعارضة و يتحول الى مشكلة عويصة أوالى مأساة دموية أحيانا عندما يتم بطريقة انتقامية أو بالقوة المسلحة أي بالإكراه والقسر.


ويلاحظ كمثال على الحالة الاولى ان المعارضة اليمنية المجتمعة في إطار ما عرف من بعد بحركة 5 نوفمبر ـ تشرين الثاني 1967 استطاعت ان تقنع المشير عبدالله السلال بالتخلي عن منصبه لانها كانت تمثل اكثر من ثلاثة ارباع الدولة والمجتمع الاهلي في شمال اليمن علما ان قادتها كانوا مسجونين في القاهرة وقد عادوا لتوهم في اول نوفمبرـ تشرين الثاني الى الحديدة حيث كانت القوات المصرية المعين الابرز للسلال تتجمع للرحيل وفهم الرئيس اليمني أن بقاءه في الحكم بات مستحيلا مع عودة العائدين وانسحاب المنسحبين فقرر الاستقالة على طريقته. ويروي العميد الراحل يحي المتوكل الذي كان شاهدا على تفاصيل تلك اللحظة أن السلال خاطبه هو ورفاقه بالقول: انتم عائدون للانتقام والاستيلاء على السلطة فقلنا له:نحن مجردين من السلاح والثورة في خطر ويجب أن نوحد كلمتنا.


قال ستعودون إلى أعمالكم ويجب أن نكرس جهودنا للدفاع عن الثورة "خصوصا أن المصريين يغادرون اليمن" وختم: أنا مسافر إلى روسيا والعراق.. لكنه سافر ولم يعد وفهم المعارضون أن الامر قد صار لهم فتولوا السلطة بعد مضي أربعة أيام على تلك المحادثة.


وفي 13 حزيران ـ يونيو عام 1977 اطلق القاضي عبدالرحمن الارياني آخر تهديد له بالاستقالة للضغط على المجتمع السياسي اليمني المتنازع حول حكمه وذلك ضمن سلسلة من التهديدات التي كانت تنتهي عموما لمصلحته لكن هذه المرة استقال بصورة قاطعة وتسلم الحكم المقدم إبراهيم الحمدي الرجل القوي في المؤسسة العسكرية اليمنية لكنه ما لبث أن تعرض للاغتيال بعد اقل من ثلاث سنوات على توليه الحكم ليخلفه المقدم احمد الغشمي الذي اغتيل بدوره بواسطة سمسونايت مفخخة أرسلت إليه مع مبعوث رسمي من عدن وذلك بعد مضي ستة اشهر على توليه السلطة ليتيبن ان التغيير بواسطة الاغتيال والتفجير لا يدوم طويلا فضلا عن انه قد جلب الخراب إلى اليمن فقد قيل حينذاك أن السلطة الرسمية لا تتعدى العاصمة وأحيانا القصر الرئاسي وبالتالي لا يمكن لهذه السلطة أن تتوسع وان تنتشر في كل انحاء البلاد إلا بالابتعاد عن الاغتيالات وحل المشاكل السياسية بواسطة العنف والانتقام وهو ما حرص عليه الرئيس الجديد علي عبدالله صالح الذي تولى السلطة بتفويض من المجلس التمثيلي الشرعي الوحيد في صنعاء حينذاك وليس عبر انقلاب عسكري كما يزعم بعض المؤرخين الأغبياء .


وفي جنوب اليمن تولى السلطة الرئيس الراحل قحطان الشعبي بتفويض من القوى الأساسية في البلاد بعد تحريرها من المستعمر البريطاني غير ان حكمه الذي استمر من العام 1967 حتى العام 1969 لم يستمر طويلا فقد ازاحه ائتلاف قوي يمثل الاكثرية الساحقة من الناشطين في عدن بزعامة سالم ربيع علي المعروف ب "سالمين" وعلى الرغم من شعبيته الكبيرة فقد رفض قحطان استخدام القوة ضد خصومه وخضع للعبة السياسية في التيارالحزبي الذي حرر البلاد مع علمه التام ان النتيجة لن تكون لصالحه فكان ان غادر الحكم لكنه سرعان ما تعرض للاعتقال والاقامة الجبرية الى ان توفي معتقلاً.. وخلفه سالم ربيع علي (سالمين)..


وقد استمر حكم "سالمين" في عدن حتى العام 1978الى ان اتهم بتدبير انفجار الغشمي في صنعاء وتمت ازاحته من طرف ائتلاف حزبي جديد بزعامة عبدالفتاح اسماعيل وكان ان دفع انصار سالمين ثمنا باهظا لإعدام زعيمهم الذي يروى انه قال لجلاديه "اليوم نحن وغدا انتم." وهو ما سيقع بعد فترة حكم الرئيس الراحل عبدالفتاح اسماعيل الذي حكم لسنتين ازيح بعدها بهدؤ من طرف الرئيس الاسبق على ناصر محمد الذي ازيح بدوره بعد مجزرة يناير عام 1986 الدموية ليتبين في جنوب البلاد ايضا ان الشعب اليمني لا يحكم بقوة السلاح ولا بقوة الايديولوجيا وان التغيير في اليمن لا يتم بواسطة الاكراه والاجبار والانتقام وانما بالتراضي والمساومة والاعتراف بميزان القوى الفعلي على الارض .


ما من شك في ان المجتمع اليمني يختلف عن غيره من المجتمعات العربية ليس فقط بسبب غلبة الفئات الريفية التي تعيش على اقتصاد ما قبل راسمالي وليس فقط بسبب تماسك البنى القبلية اليمنية او بسبب مخاطر الفتن المذهبية وانما ايضا بسبب ثقافته السياسية التقليدية التي تتيح الجمع بين الحسم والمساومة. فقد انتصر النظام الجمهوري بقوة السلاح وبالمصالحة الوطنية مع ملكيي الشمال وانتصرت حركة نوفمبر بالمساومة مع الناصرية التي كانت لتوها قد احتجزت زعامات الحركة في السجن ودام حكم الرئيس علي عبدالله صالح لأنه تصالح مع القسم الاكبر من خصومه او المنقلبين عليه وحكم بالتراضي والحزم والمساومة.


لا نريد القول من خلال التذكير بهذه التجارب ان المجتمع اليمني ليس قابلا للتغيير بل هو بحاجة ماسة له لكن بالوسائل الملائمة التي تحمل التغيير دون انحراف البلاد نحو الحرب الاهلية او الفتن المذهبية او الصوملة واللبننة والافغنة والبلقنة والعرقنة.


واذ نعترف جميعا أن لا تغيير في اليمن بالقهر والعنف والإرغام فهذا يعني أن الحوار هو الطريق الأقصر للتغيير.. فهيا إذن إلى حوار الشجعان.
 


 

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)