يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الأحد, 13-نوفمبر-2011
شبكة أخبار الجنوب - انور مالك انورمالك - شبكة اخبار الجنوب - الشروق اون لاين -

انتقدت بشدّة الراهن العربي، حتى أن مشاركة لي على قناة الجزيرة في 03 / 03 / 2009، ترجمت للغات عديدة وتناقلتها مواقع وصحف غربية ودار النقاش حولها في كل أصقاع الدنيا، بغضّ النظر عن الطريقة التي قدمت بها والكيفية التي اختيرت بها المقاطع من طرف المعهد الأمريكي للأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط "ميمري"، إلا أن موقفي حينها يؤكد مدى نقمتي على الواقع ومآل الدول العربية التي تحوّلت إلى ما لا يمكن تخيّله من التخلّف والديكتاتورية والتسلّط والخيانة والمؤامرات.


التغيير الذي سرقته أمريكا


لقد انتقدنا الواقع وجلدنا أنفسنا حدّ النزيف، ليس من باب عنصرية متفشّية فينا ولا أننا نكره جنس العرب كما هاجمنا الكثيرون ظلما وافتراء، بل قمنا بذلك رغبة في إيقاظ شعوبنا حتى تعرف وزنها وحقيقتها في المعادلة الدولية، علّها تكون دافع خير نحو التحرك لأجل التغيير الشامل والجذري على مستوى التفكير والذهنيات ومشاريع المجتمع ومنظومات الحكم. ومن جهة أخرى كنا على يقين أنه توجد براكين ثورية تنام في صدر العالم العربي ستنفجر يوما ما، وذلك بسبب الفساد والتسلّط وديكتاتورية الأنظمة، وأيضا راجع إلى الهجمات الغربية علينا من خلال سقوط أوطان جديدة بين مخالب الاحتلال، وفي الوقت الذي لا تزال فيه فلسطين تئنّ مما لا يمكن وصفه من جرائم ضد الإنسانية والإبادة والاستيطان.


لكن في الوقت نفسه كنت أشم رائحة وجود مخططات ماكرة وخبيثة لأجل احتواء هذه الثورات النائمة في أعماق الشعوب، وتوجيهها نحو وجهة واحدة من خلال جعلها تقتصر على الحكام فقط، بدل العدو التقليدي للأمة العربية والإسلامية وهو الغرب الذي زاد يقينه بالعقلية والإيديولوجية الصليبية.


إن حصر الثورات الشعبية في قضية الديمقراطية فقط، هو دليل قاطع على مدى نجاح الخصم في امتصاص الغضب الشعبي العربي عليه لأسباب تاريخية وواقعية. ويكفي دلالة على ذلك ما قاله ساركوزي في شهر سبتمبر الماضي خلال ندوة صحفية برفقة رئيس وزراء بريطانيا وأمير قطر ورئيس المجلس الانتقالي، على هامش مؤتمر دولي حول ليبيا، عندما أكّد أنهم ساعدوا الشعوب العربية لأنها انتفضت تطلب الحرية وليس سقوط الغرب وإسرائيل. ثم جاء الآن ليجري تهديد بنغازي بحرب أخرى إن تمّ تطبيق الشريعة، فترى ماذا سيكون الموقف لو تجري المطالبة بتحرير الأقصى؟!


لقد نجح القوميون والإسلاميون بصفة أخصّ، على مدار سنوات في تأجيج نيران الكفر بالغرب والحقد عليه لمبررات كثيرة موجودة على أرض الواقع، ساعدت هذا الخطاب في الانتشار والتموقع والمدّ الأفقي والعمودي. وطبعا تمّ استعمال النصوص الشرعية والشعارات القومية في تأليب مشاعر الشعوب ضد هذا الغرب الصليبي!!


كما نجحت المعارضات الراديكالية في توسيع الهوّة بين الحاكم والمحكوم، حتى ظهرت السلطة في العالم العربي مجرد احتلال داخلي وبالوكالة. وساعد في إنجاح هذه المخططات الحكام أنفسهم الذين ظنّوا أن حرية الشعوب هي العدو، بل يوجد من رأى أن الإسلام هو ألدّ الخصوم، ولذلك مارسوا القمع الذي بدل أن يقلّم أظافر هذه الحركات المناهضة لهم زادها انتشارا.


خطر الانفجار القادم أدركته كل الأجهزة السرية الغربية التي تعمل على حماية مصالح دولهم، وخاصة أن النفط الذي يتحكم في مصير الأمم، تتحكم فيها الدول العربية وأخرى مناهضة للامبريالية، فخطّطوا وسهروا وصنعوا كل شيء لأجل ذلك حتى صرنا حيثما نرى النفط نجد الإرهاب. ثم جاء دور تفجير الشعوب قبل الوقت في دائرة معدة سلفا ومحسوب بدقة لأقصى مدى تصل إليه الشظايا.


من خلال متابعتنا لصيرورة الأحداث نجد أن الغرب يصنع حروبا خارج أرضه لتحمي مصالحه، وبسواعد من غير بني جلدته، والثمن تدفعه شعوب أخرى، ويبقى هو في ظل رائحة الموت والصراع يبتزّ هذا وذاك لتأميم مصادره الحيوية من طاقة وغيرها.


هنا نؤكد على أنه لا يمكن أن يحدث شيء في العالم الإسلامي من دون أن يكون للغرب يد فيه، وعبر التاريخ لم نجد هذا الغرب يناصر مصالح الشعوب العربية إلا إذا تقاطعت مع مصالحه ويكون له الحظّ الأوفر أو المطلق. أو أن يوجه الأمور وفق مقاربة يخرج منها رابحا، أما الشعوب الأخرى المستعملة -من حيث تدري أو لا تدري- فتسقط في مستنقعات أخطر من تلك التي كانت من قبل. نقول هذا حتى ندحض حجج المتشدقين بحرص الغرب على حقوق الشعوب العربية في الديمقراطية وتقرير مصيرها، والذي من خلاله برّروا التدخل الأجنبي السافر في ليبيا وسيسعون لتحقيقه بسورية وحتى في بلاد أخرى لا تزال تطبخ أمورها على نار هادئة.


عندما دخل أوباما للبيت الأبيض هبّ بعض محدودي الرؤية للتهليل بجلوس نجل الحسين على كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة، وظنوا أن هذا الأمر بشارة خير للعرب الذين عانوا الويل من قبل جورج بوش الابن، حتى صار بوش الصغير هو المشكلة الوحيدة وليست أمريكا ومؤسساتها ومخططاتها السرية التي تمتد إلى قرون خلت.


غير أنني خالفت الكثيرين في أحاديث صحفية عبر فضائيات عربية وقلت حينها إن الإدارة الأمريكية الجديدة ستكون وبالا على العالم الإسلامي، وأن أوباما الذي دغدغ المشاعر بخطابه في القاهرة، سيعمل كل ما لا نتصوره لإبعاد "شبهة" الإسلام عنه، وسيقدّم ما في وسعه لإقناع اليهود ولوبياتهم النافذة من أنه أشدّ الحريصين على أمن الكيان العبري.


كما أشرت إلى أن مرحلة جديدة ضبطت عقاربها ونسجت خيوطها منذ فترة وتقرر التنفيذ بإيصال أوباما لسدة الحكم، ستبدأ وتسقط فيها أقطار عربية تحت أقدام أمريكا أو حلفائها، ويجري تقسيم أخرى إلى دويلات لا تنشّ الذباب عن وجهها. وهذا الذي حدث وسيحدث لاحقا من خلال ما يسمى "الربيع العربي" الذي سيغدو خريفا تتساقط فيه وتذبل كل أوراقنا، إن لم يتدارك الأمر حكامنا وتنتبه شعوبنا إلى حجم المؤامرة التي فاقت كل التخيلات.


ربيعهم وربيعنا


لقد حلمنا بربيع عربي يخرج أقطارنا من التخلّف والتبعية والاستبداد والفساد. تشوقنا لتحرر كل الشعوب المحتلة وإجبار غزاة اليوم والأمس على الإعتذار. بل نرى فلسطين حرّة والعراق مستقلا والصومال مستقرا والصحراء الغربية تقرر مصيرها، ولا وجود للقواعد العسكرية في بلادنا سواء بالكويت أو البحرين أو قطر... إلخ.


تمنّينا ربيعا عربيا نشاهد فيه بأعيننا كل الطغاة وهو يساقون للمحاكم العادلة ويعاقبون على أفعالهم في حقّ شعوبهم. كما نرى فيه أمريكا تحاسب على جرائمها في فلسطين والعراق وأفغانستان... الخ.


ناضلنا من أجل ربيع عربي ينظّف بلادنا من الرشوة والفساد ويزيدها شفافية وصرامة. ويقرر خلاله الشعب العربي من يحكمه بحرية ومن دون تزوير ولا انقلاب على إرادته. بل يجعل روح الإنسان العربي غالية وقطرة دمه تساوي النفط العالمي كله.


أردنا ربيعا عربيا يسقط الحدود ويوحّد الأقطار كما توحّد الغرب، ويجعل المواطن العربي يتنقل من قطر لقطر ببطاقة هويته فقط ولا أحد يسأله عن وجهته ولا نقطة انطلاقه ولا يفتّش المخبرون جرابه ولا ينزعون جواربه.


لكن عندما جاء هذا الذي يسمى تجاوزا "الربيع العربي" بالعملاء من الخارج لقيادة شعوبنا وذبحها على عتبة الغزاة والمرتزقة المافيا. وصارت الأقطار تسقط تباعا تحت الاحتلال، البداية مع ليبيا والحبل على الغارب في سورية وبلدان أخرى يخطّط في الظلّ لتفتيتها حتى تتكاثر القواعد العسكرية الأجنبية على أرضنا كالفطر.


أنستنا حمى البطولات الثورية الوهمية حتى فلسطين المحتلّة، وتجاهلنا بها العراق الذي ذبح فيه الملايين من البشر. كما أنسانا هذا "الربيع" أفغانستان التي تمرّغ فيها أنف أمريكا وحلفائها، ثم الشيشان وكشمير... الخ.


"الربيع العربي" الذي حوّل ليبيا من دولة بغضّ النظر عن سلبياتها كباقي الدول العربية أو حتى أسوأ، إلى مقاطعات تمرح فيها خنازير حلف الناتو وعملاء الموساد.


"الربيع العربي" الذي غذّته فضائيات الكذب والبهتان وصناعة الأحداث وتلفيق الصور ودبلجة الأصوات ودفن الحقيقة تحت ركام القصف وبين جثث الأبرياء. وأدى إلى قتل وتشريد وجرح مئات الآلاف حتى صار فيه دم المواطن العربي أرخس من دم البعوض.
"الربيع العربي" الذي جاء بثورات صنعت حكاما أشدّ استبدادا وتسلطا وفسادا. وهرول بسلطات خرجت من إبط ورحم الأنظمة المخلوعة، فبدل أن يحكم الزعيم الفلاني أتوا بآخر كان يمسح حذاءه وصرنا نرى السلطة بين أيادي بقايا الحاكم الهارب أو المسجون أو المغتال.


"الربيع العربي" شتّت الدول فلا نجد دولة تهتم بشأن أخرى وكل حاكم غارق في همّ نفسه علّه يحمي فخامته من هذه الثورات العارمة. والأخطر أنه جاء من أجل تنفيذ خرائط خفية أحكم رسمها لتقسيم الدول العربية إلى دويلات وطوائف وقبائل متناحرة فيما بينها، لتبقى "إسرائيل" هي "الدولة" العظمى والوحيدة التي تعيش في أمن واستقرار وتقدّم بالشرق الأوسط. كما حوّل أقطارنا وترابنا وشعوبنا إلى فئران لتجريب أسلحة فتاكة تُدفع أثمانها من قوت صغارنا وجياعنا. وللأسف دمّرت البنى التحتية وتحولت الشعوب إلى بدو رحّل لا يشاهدون شاشة ولا يتواصلون مع العالم الخارجي في عصر الأنترنيت.


"الربيع العربي" الذي يخرج الشعوب من استبداد الحاكم الفلاني ويضع رؤوسهم تحت أقدام الغزاة والعملاء، وأشعل الحروب الأهلية والطائفية والقبلية لأجل تمكين هذا الوزير من إسقاط ذاك الزعيم لحسابات بينهما لا تنفع الناس بشيء. كما جعل علماء أمتنا ممن حذّروا من الفتن مجرّد علماء بلاط وخونة لا يعتدّ بهم في حين رفع الصهيوني برنارد ليفي إلى مصاف سلطان العلماء الثقات.


"الربيع العربي" الذي يرفع علم إيطاليا وفرنسا وأمريكا في مدينة عمر المختار، ويجبر الناس على تقبيل هذه الأعلام ورفس راية قدسوها لأكثر من أربعين عاما. وسيجعل من دمشق عاصمة العباسيين والأمويين مجرد خراب تنعق فيها الغربان على خطى بغداد التي كانت أعظم مدن العالم. في حين تحوّلت قطر التي لم تكن شيئا إلى "دولة" مهابة الجانب تقرّر مصير دول كان مجرّد ذكرها يضيف نقطة لحاء الدوحة.


هذا هو "الربيع العربي" الذي أرادته إدارة باراك أوباما وبالتحالف مع ساركوزي وكاميرون ونتنياهو وغيرهم، وسرقت به ربيعا تغييريا فاجأهم في تونس، وكان يتدحرج ككرة الثلج لسحق الأعداء والعملاء والحكام الخونة، ويعيد أمجاد شعوبنا التي نهبها الفساد والاستبداد والاستعمار.


قد يزعم البعض أن هذه هي البداية لتحقيق الربيع المنشود، ولا يمكن أن نصل إليه من دون ضريبة دم ودمع وخراب، لكن هؤلاء يتجاهلون أن حكامنا تسلطوا على رقابنا بدعم خارجي ولا يمكن أن يتوب الغرب من دعم الاستبداد، ولن تبزغ الديمقراطية من حكام جدد احتلوا قصور الرئاسة مقابل جثث أبادها أجانب قرروا إنهاء صلاحية حكام سابقين. كما أنه من العبث دوما أن يكون قدر شعوبنا الموت سواء في ظل الديكتاتورية أو الانتفاضات أو حتى مرحلة ما تسمى "إعادة الإعمار" التي لن تستفيد منها سوى شركات أفلستها الليبرالية المتوحشة، ولم يجد حكام الغرب غير ثروات العالم العربي لنهبها باسم التغيير والديمقراطية، بعدما كانوا يسرقونها تحت الضغوطات الدولية لأجل ترقية حقوق الإنسان وحماية الأقليات.


شتان بين ربيع حلمنا به لشعوبنا حتى تخرج من التخلف والتبعية، إلى نور الحضارة والازدهار. وآخر أعاد بلادنا قرونا إلى الخلف لتبقى غارقة في الحروب والصراعات ثم الترميم والتضميد وبعدها عضّ النواجذ من الندم. في حين سيواصل الغرب تطوره بعدما خدّروا ودمّروا خصومهم وضمنوا الأموال التي تحميهم من الأزمات الممكنة وغير الممكنة.
الشروق أون لاين
www.anouarmalek.com
 
 

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)