يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الخميس, 28-أبريل-2011
شبكة أخبار الجنوب - د  -  عبدالله مناع د - عبدالله مناع -

الأستاذ الدكتور عبدالله مناع.. المفكر القومي المعروف، من المملكة العربية السعودية الشقيقة.. غني عن التعريف، فكتاباته الصحفية تزخر بها الصحف العربية والعالمية... كما أن له العديد من الكتب المنشورة وما هو قيد النشر.. واهتماماته بالشأن اليمني، في سياق قضايا العروبة، وطناً وأمة.. تـتأكد بالسمو والنضج، والرؤية الموضوعية.. التي تفصح عنه كتاباته وتحليلاته.. و(الجمهورية) ترحب بالدكتور عبدالله مناع وهو يخصها اليوم بمقال يعكس رؤيته الخاصة لما يعتمل في الواقع اليمني والعربي عموماً.
أستميح الكاتب العربي الكبير ورئيس تحرير صحيفة (الأهرام) الأشهر: الأستاذ محمد حسنين هيكل.. عذراً، في استخدام عنوان كتابه (لـ "مصر".. لا لـ "عبدالناصر").. مع قدر من التصرف يبيح لي استخدامه على نحو ما جاء في عنوان هذا المقال: (لـ "اليمن".. لا لـ "علي عبدالله صالح")..!
فما حدث في "اليمن".. ومنذ خطاب الرئيس علي عبدالله صالح، الذي وجهه لمجلسي "النواب" و"الشورى" في التاسع من شهر فبراير الماضي.. قبيل ثماني وأربعين ساعة من تنحّي الرئيس المصري (حسني مبارك)، وأعلن فيه بمسؤولية ووطنية تحُسب له بأنه (لن يكابر!!)، وأنه سيقدم (التنازلات تلو التنازلات من أجل المصلحة الوطنية)، وأنه سيقول لبيك (لما يتم التوصل إليه عبر الحوار مع المعارضة)، وهو يطمئن جميع الساعين والحالمين بـ "كرسي الرئاسة اليمنية" أو حكم اليمن إجمالاً بأنه (لن يكون هناك تجديد ولا توريث ولا إعادة لعقارب الساعة إلى الوراء!!) لأنه (لا يجب أن نهدم ما بنيناه في 49 عاماً!!)... يستوجب التوجه بأمانة وموضوعية إلى أبناء اليمن وشبابه الصادقين والمغرر بهم، وإلى المعارضين الشرفاء وحملة الثأرات القديمة، وإلى تلك الطُغم التي لم يخل منها اليمن المعاصر منذ ثورة سبتمبر.. ممن اعتادوا أن يأكلوا مع "الذئب" ويبكون مع "الراعي".. بأكثر من التوجه إلى الرئيس الذي قال في خطابه للمجلسين كل ما عنده..!.
فـ "اليمن" الذي عرفته وأحببته أرضاً وتاريخاً وإنساناً، وتوثقت صلتي الشخصية به منذ زعامته التاريخية الفذة والمنقذة على يد المغدور به (المقدم إبراهيم الحمدي).. فعايشتني طموحاته وأحلامه.. عن قرب، ومصاعبه ومعاناته.. على الدوام.. في سبيل توفير حياة كريمة لكل أبنائه: بين أعداد "تتزايد" وموارد "تتقاصر".. لا يستحق هذا الذي جرى ويجري في شوارعه وميادينه، ولا تحتمل بنيته الاقتصادية هذه المظاهرات والاعتصامات التي أوقفت عجلته عن الدوران.. ثم تحولت إلى إغلاق للشوارع والطرقات وضرب لمحطات الكهرباء والوقود، فإذا تحركت الدولة لفرض النظام وإعادة القانون وهيبته ثانية إلى الشوارع والميادين.. تعالت صيحات الدول العظمى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة (نجمة) الاعتداءات على المدنيين العزّل ورائدته التاريخية: من الصومال إلى يوغوسلافيا.. ومن أفغانستان إلى العراق، وهي تحذر من الاعتداء على المدنيين العزّل، وتتباكى على حمايتهم حتى ولو تم تفريق المتظاهرين والمعتصمين.. بخراطيم المياه (!!)، وأخذت تساندها وعلى الفور تلك "الفضائية"!! الرائدة التي كنا نقدّرها ونحترم مهنيتها وشجاعتها، ونعوِّل عليها في رفع درجة الوعي السياسي بين مواطني الأمة ليطالبوا بحقوقهم السياسية المسلوبة، وكشف المستور من مظالمهم.. داخلياً، والتصدي للمؤامرات التي تحاك في الخفاء ضدهم خارجياً.. فإذا بها تنقلب فجأة مائة وثمانين درجة لتصبح فضائية لـ "الاستعمار الجديد" بثوبه الإنساني (المخادع) في الدفاع عن المدنيين!! وتأمين سلامة المتظاهرين في تلك الدول التي شهدت شوارعها وميادينها المظاهرات والاعتصامات.
ولكن، ومعذرة.. إن خرجنا عن السياق السياسي لهذا المقال، وساءلنا "فضائيتنا العزيزة": ترى من هي تلك الدول..؟.
أليست هي دول (معسكر الشر) الخمس أو الست – التي أسماها طيب الذكر جورج بوش الابن واحدة واحدة – ، فعرف العالم – ودون أي قدر من الذكاء – بأنها هي الدول المارقة على الولايات المتحدة، والتي أعلنت عصيانها عن الانضواء تحت لوائها.. مفضلة "حريتها" واستقلالها الصعب على عبوديتها ورفاهها السهل في الفردوس الأمريكي، و"اليمن".. كما تعلم أو لا تعلم (فضائيتنا العزيزة) الرائدة.. هي واحدة من دول هذا المعسكر، الذي يختفي ويظهر اسمها على قائمته.. حسب رضا الولايات المتحدة عنها، أو غضبها عليها..!!.
< < <
فهذه "المظاهرات" و"الاعتصامات" الشبابية الشعبية التي اجتاحت بداية العاصمة التونسية.. بعد جمعة السابع عشر من ديسمبر الحزينة من العام الماضي، التي انتحر فيها الشهيد (محمد بوعزيز) في قريته التونسية النائية (سيدي أبو زيد).. قهراً وكمداً، لأن أحداً من مسؤولي دولة الرئيس (زين العابدين بن علي).. لم يستمع إليه، ولم يمنح عربة (خضرواته) التي يقتات منها هو وعائلته.. متراً أو مترين في أحد زوايا القرية لتقف عليها، لعل زبوناً يقصدها، بينما يتواهب.. ويبيع ويشتري بأبخس الأثمان أبناء الرئيس ومحاسيبه وأنصاره.. ملايين الأمتار والدونمات في أرقى أحياء العاصمة وأشهر شواطئ وأجمل مواقع المدن الساحلية التونسية.. كانت بحق خيراً وبركة على (تونس)، فقد قلبت كل شيء رأساً على عقب، وعدلت المائل.. وجاءت بـ "ربيع" الحرية والعدالة والمساواة.. لأنها كانت تونسية خالصة في أسبابها ودواعيها ونتائجها.
ولكنها تحولت مع موت بوعزيز في الرابع من يناير الماضي وتشييعه في الخامس منه.. إلى كرة من نار، لتتلقفها القاهرة.. زعيمة العرب والعروبة، التي نحَّت نفسها عن دورها.. الذي يلح في طلبها وتأباه، بعد أن اختار رئيسها لنفسه دور "العمدة".. على دور "الزعيم" ليبيع استقلالها وإرادتها على الغرباء والأعداء بأبخس الأثمان.. وأراضيها ومصانعها ووسائل إنتاجها على (الهوامير) من أعضاء حزبه، ليبقى له (همٌّ) واحد.. وكأي عمدة في صعيد مصر: كيف يورِّث ابنه (عموديته)!!. لتقتلعه تلك المظاهرات والاعتصامات الشبابية الرائعة.. هو ونظامه وتاريخه من حياة مصر، واسمه من كل شوارعها وميادينها.. وتأتي بـ "ربيع" جديد من الحرية والعدالة والمساواة ربما يفوق الربيع التونسي – لأهمية مصر وموقعها ودورها النضالي الرائد، واتفاق العرب حولها.. بأنها إذا صلحت صلح العرب، وإذا تداعت.. تداعى العرب وذهبت ريحهم.
< < <
لقد كان "الربيعان" التونسي فـ "المصري".. ربيعين خالصين لوجه الله والوطن والحرية والعدالة والمساواة جددا الأمل في "النفس العربية"، وأحيا مواتها، وأخرجها من تابوت القهر والصمت والهوان، وقالا.. لكل جبابرتها وطغاتها: احذروا بالحق والحرية والعدل.. شعوبكم الصامتة، لكن كرة المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات.. التي انتقلت بعد ذلك إلى كل من المنامة وطرابلس والجزائر ودمشق.. في أوقات متزامنة، لم تكن لتحمل ذات القدر من الشفافية الوطنية.. بل كانت تضع نفسها بين أعلى درجات الالتباس السياسي.. بين "الانتهازية" إن أنصفناها، و"العمالة".. إن ظلمناها..!!
صحيح أن بعض تلك المظاهرات والاعتصامات كانت تجد الأرضية الصالحة لانطلاقاتها واشتعالها.. كاضطهاد الأكثرية الشيعية في "منامة" البحرين، وقبضة (البعث) البوليسية الحديدية، إلى جانب التمثيلية الدستورية الهزلية التي جاءت بالابن (بشار) لخلافة الأب (حافظ) في أولى الجمهوريات العربية.. في "دمشق" سوريا، و"الأبدية الرئاسية" التي اختطفها لنفسه زعيم ثورة الفاتح من سبتمبر.. فامتدت بحكمه لما يزيد عن أربعين عاماً حتى أصبح كـ "ملوك" بريطانيا المعمرين!! ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين كان كل هؤلاء قبل أن يتحرك طوفان المظاهرات شرقاً من تونس والقاهرة.. أكانوا جميعاً ينتظرون انتحار : "محمد بوعزيز".. أو أي بوعزيز عربي.. آخر حتى ينتفضوا ويتظاهروا ويعتصموا..؟!.
إذا كانوا فعلاً انتظروا ذلك.. فلم يكونوا وحدهم على ما يبدو، بل كانت الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا.. تنتظر أيضاً معهم وإلى جانبهم، وإلى أن انتهى طوفان المظاهرات والاعتصامات.. عند مياه نهر النيل، ليبدأوا عملهم.. لا لتخليص الأكثرية الشيعية البحرينية.. من اضطهادها، ولا لتخليص السوريين من قبضة البعث الحديدية، ولا لعتق الليبيين الطيبين من زنزانة أبدية رئاسة القذافي التي وضعهم فيها.. كما هو الظاهر والمشاع والمبرر إنسانياً وأخلاقياً ولكن لإنفاذ أجندتهم السياسية الخاصة، وقد كان لكل من ثلاثتهم أجندته، فـ "الولايات المتحدة".. تريد كسر عظام المشاغب الإيراني بقطع الطريق عليه شمالاً إلى (سوريا) وغرباً إلى (البحرين)، و"بريطانيا".. صحت أحلامها الإمبراطورية القديمة بعد انسحابها المذل والطويل من شرق القناة على يد المد القومي العربي في سبعينيات القرن الماضي.. لتعود إلى قواعدها العسكرية القديمة في (طرابلس)، بعد أن غدت هذه (الطرابلس) مالكة لأعظم مخازن أجود أنواع النفط وأغلاها ثمناً.. إلى جانب خليجها البحري الذي يتوسط البحر الأبيض.. قلب الحضارة الغربية بكل ما يعنيه ذلك، أما "فرنسا" ساركوزي التائهة.. فلاتزال تحلم بما يعوضها عن (الجزائر) وأراضها وبترولها ولو بحصة من "الكيكة" الليبية مهما صغرت حتى لا تخرج من الموسم الذي بدا مواتياً لها فارغة اليدين.
لقد كانت حماسة المواقف الفرنسية، وقراراتها، وانشغالاتها المذهلة بما يجري في "طرابلس" و"بنغازي".. وكأنهما مقاطعتا (الإلزاس) و(اللورين) الفرنسيتين.. مضحكاً لأبعد الحدود، لا يليق بعظمة فرنسا الكبيرة.. وتاريخها الأكبر ورجالها ورموزها.
< < <
ولن أمضي بعد هذا إلى أكثر من ذلك في الحديث عن هذه المظاهرات والاعتصامات (الملتبسة) في كل من البحرين وسوريا وليبيا.. بل أعود إلى نقطة البداية.. إلى خطاب الرئيس علي عبدالله صالح لـ "مجلسي" النواب والشورى وما جاء فيه من تعهدات بأن (لا تجديد ولا توريث ولا تعديل للدستور).. ليكون حجة على الرئيس بيد هؤلاء المتظاهرين والمعتصمين لو أنهم طالبوا في تظاهراتهم واعتصاماتهم بتحويل تلك التعهدات إلى "وثيقة برلمانية" يجري التصديق عليها والعمل بها من قبل (المجلسين) وفق أجندة تقارب بين فورية التنحي التي يطالبون بها و(الشرعية الدستورية) التي يتمسّك بها الرئيس.. وهو على حق، ولو فعلوا ذلك لرحب بهم وبتظاهراتهم واعتصاماتهم العالم كله في داخل اليمن وفي خارجه، أما طلب التنحي الفوري.. والآن، فهو ما لم تعرفه حتى جمهوريات الموز في أمريكا الجنوبية، فـ "اليمن" الذي طحنته الحروب والاغتيالات والانقسامات الدينية والمذهبية معظم عقوده الخمس الماضية.. ولم يعرف الاستقرار والالتفات إلى التنمية بصعوباتها إلا في الخمسة عشر عاماً الماضية من عمر الوحدة، لا يصح أن يتركه عقلاء اليمن وحكماؤه.. للمتاجرين والسماسرة و"ذئاب الوحدة" الذين يريدون نهشها وتمزيقها.. فلا تعود اليمن حتى إلى يمنين؛ بل ثلاث وأربع.
على أي حال فقد دخل.. مجلس التعاون الخليجي إلى حلبة "حل الأزمة".. بحكم عضوية اليمن المحتملة فيه، وربما لغياب الجامعة العربية بحكم تعثرها السياسي، وظهرت وصفة علاجه.. التي أظن أنها بحاجة إلى مزيد من البحث والحوار وصولاً إلى الوصفة الناجعة، فـ "الحلول" الخائفة والمسايرة.. لا تقوى على الحياة.


 

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)