كشفت مصادر سياسية رفيعة عن أزمة حادة تعصف بالأروقة السياسية اليمنية- القطرية على خلفية اتهامات وجهتها صنعاء للدوحة بمحاولة تمرير مشاريع إيرانية في اليمن تستهدف دول الإقليم بالكامل، وإسهامها المباشر في قيادة حملات تثوير الساحة العربية، وإشعال الفتن.

وأفادت المصادر: أن صنعاء والدوحة تبادلا خلال الـ48 ساعة الماضية الرسائل والاتصالات على مستوى رفيع، مؤكداً أن التوتر الذي اشعلت فتيله قناة "الجزيرة" بعمل تحريضي لا يمت للاعلام بصلة، ما لبث أن تحول إلى أزمة سياسية جراء تبني النظام القطري الدعوة الى تنحي الرئيس صالح، وهو ما تعتقد صنعاء أن توقيت الدعوة بالتزامن مع الاعلان عن مبادرة الوساطة الخليجية هو "محاولة لخلط الأوراق، وتعقيد الأزمة، ونسف طاولة الحوار التي من المؤمل أن تحتضنها السعودية".

وتعتقد صنعاء- طبقاً للمصادر ذاتها- أن الدوحة تحاول بشتى الوسائل دفع الساحة اليمنية إلى الفوضى، لتعزيز فرص قيام كيان "شيعي" في شمال اليمن يكون مصدراً لزعزعة استقرار دول المنطقة، وخدمة مشروع التمدد الشيعي الايراني في الجزيرة العربية والخليج، منوهة إلى أن أحداث البحرين الأخيرة أثبتت بما لا يقبل الشك تورط طهران في استخدام المذهبية لتحقيق أهداف سياسية وأمنية.

واشارت إلى أن أي اتفاق بين قوى المعارضة اليمنية قد يسفر عنه حوار الرياض من شأنه فرض التزامات دستورية تحول دون الانزلاق الى أي نزعات انفصالية، سواء على خلفية مذهبية أو مناطقية.  

من جهته، الأستاذ أحمد عبد الله الصوفي- سكرتير الرئيس صالح لشؤون الاعلام- لم يخف الاستياء اليمني من الأدوار القطرية، وإن لم يسمها بإسمها.. ففي الوقت الذي قال الصوفي أن اليمن تثمن الجهد الخليجي في معالجة الأزمة، فإنه استدرك بالقول: (ما لم تعترضها المشاريع الايرانية وكذلك الرغبة الجامحة لبعض الاطراف المتأثرة بمزاج اعلامي يميل الى اطلاق الفقاعات الاعلامية واستباق الاحداث حتى يفشل هذا الدور الخليجي او يحاول ان يجعله عنصرا لارادة ورغبة دول خليجية بالتحديد صغيرة الحجم ولكن غنية الموارد وتلعب الان دور غرفة العمليات في ساحة التغييرات العربية)- في إشارة غير مباشرة الى تصريحات النظام القطري الداعية لتنحي الرئيس، والدور الذي تلعبه قناة الجزيرة القطرية التي خصصت بثها المباشر للتعبئة المفتوحة والمفضوحة لتثوير الساحة اليمنية.

واستبعد الصوفي- في تصريح لقناة العربية- أن تكون "ان الكرة في ملعب الرئيس علي عبد الله صالح"، معللاً ذلك بالقول "لانه عادة يحاول الرئيس بالمبادرات التي يتقدم بها، وبالتسامح والمرونة الانفتاح على كل المبادرات وحتى التوجهات الاقليمية والدولية التي تحاول ان تجعل المشكلة هي الرئيس علي صالح"، منوهاً إلى اعتقاده بأن "بدء المشكلة هي بطرح الرئيس كعنصر او مركز لها".

واشار إلى أن "الخليج العربي كله أمام مسئولية التصرف بهذه الكرة، فأما ان يكون راديكاليا ويعمل مثلما دأب العديد من الحكام اليمنيين على تصفية الحسابات من خلال الانقلابات والخروج عن الشرعية، او يؤصل التجربة اليمنية".. مؤكداً: أن مهموم بان يكون هناك انتقال سلمي وتحت مظلة الدستور وضمن الوحدة الوطنية.. عدا ذلك لا حوار مع أحد، فكل خيار دون ذلك سيؤدي الى سفك الدماء والى حروب اهلية".

التوتر في العلاقات اليمنية- القطرية ليس وليد اليوم، ولا التصريحات الأخيرة، بل أنها بدأت منذ شهود باتهامات بدأ يوجهها العديد من المسئولين اليمنيين للجنة الوساطة القطرية بين السلطة والحوثيين.. حيث يتهم المسؤولين هذه اللجنة بالمماطلة والتأخير، وتنفيذ كل ما يخدم الحوثيين دون مراعاة للمصالح الوطنية اليمنية التي تستوجب بالمقابل الزام الحوثيين بتنفيذ البنود الخاصة بهم.. الأمر الذي ولد لدى صنعاء احساساً بالوقوع في الخديعة.