يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الخميس, 08-يوليو-2010
شبكة أخبار الجنوب - التربية العصرية شبكة اخبار الجنوب -

كيف نربي أبناءنا ونحميهم منذ الصغر؟!! سؤال تبدو الإجابة عليه بمنتهى السهولة، فهي في وعينا وقناعاتنا لا تتعدى توفير الضروريات والكماليات لهم إن أمكن. والاعتناء بهم صحيا، روحيا وتعليميا يأتي من أولويات مهام أولياء الأمور أملا في مستقبل متميز لفلذات الأكباد.
اليوم تغير المشهد كاملا فالتربية ليست بالأمر الهين، فهي من أصعب المهام الموكلة للأم بدرجة رئيسية ويناط بها أعداد وتهيئة جيلا جديدا لا جنسا معينا، ابنا أو ابنة، وعليه يجب على الأم أن تعطي أطفالها منذ الصغر جزءا مضاعفا من اهتماماتها ورعايتها وأن تبتعد قليلا عن اهتمامات الحياة اللاضرورية. فالتربية الصحيحة لا تقتصر على المأكل والمشرب والكماليات التي يتم أصباغها على الأبناء للتمايز عن الآخرين، ولا ترتهن أهدافها في المنزل فقط، وغرس قيم التباين بين الأنثى والذكر مما يؤثر سلبا عليهما مستقبلا. بل يتعدى ذلك كثيرا، فالأم تعد طفلها للمجتمع وللوطن، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تنمية شخصية سليمة متوازنة متمثلة في طباع الأبناء وانعكاس ذلك إيجابا عليهم وعلى الآخرين؛ وهذا ما لم نعد نلاحظه في كثير من سلوكيات الأبناء.



عصي على التوجيه
وبوقفة متأنية أمام طفل الأمس وطفل وفتى اليوم نلاحظ أنه عصي على التوجيه والإرشاد، ورفض كثيرا من العادات والتقاليد المتعارف عليها لسبب بسيط يتمثل في إسراع الأم لتلبية طلباته والخضوع لرغباته سريعا لإسكاته صغيرا وفتى يافعا للتفرغ لمشاغلها اليومية المتشعبة، وما إن يصل مرحلة المراهقة يتم تطبيق الأغلبية مقولة: "إذا كبر ابنك خاويه" لتسقط بتطبيقها الكثير من المفاهيم التي يجب أن تستوعبها الأم والأب معا، بمدلولات المعنى العميق للإخاء: القدوة الصالحة قولا وفعلا، البعد عن الألفاظ البذيئة، الاستماع لآرائهم ومناقشتهم، غرس القيم الحميدة، حب الآخرين واحترامهم، التواضع... الحديث متشعب نتركه لحالات استقيناها من الواقع تعبر ذاتها.



ماذا جرى في الكابينة؟!
في إحدى كابينات شارع البريد بمديرية صيرة شدني الفتى "هشام"،16 عاما، بملامح طفولية يجلس بالجانب الآخر من صاحب "الكابينة" ينظر لمن حوله بلا أدنى اهتمام. عرفت منه أنه طالب أولى ثانوي (ثانوية لطفي) انتقلت عائلته منذ 5 سنوات من محافظة تعز إلى محافظة عدن، أخوه الأكبر ثاني ثانوي أدبي، الأم ربة بيت، الأب عامل حر... الوقت حينها السادسة والنصف مساء، سألته: لماذا لا تعود للمنزل للمذاكرة؟ أجابني باقتضاب: "بعد صلاة العشاء". فيما ضحك الآخر قائلا: "قل الصدق! الساعة العاشرة". وكانت أحاديثه التالية تعبيرا حقيقيا عما يعانيه، لا أصدقاء ولا هوايات، ولم يقرر بعد اختيار التخصص الدراسي أو مجرد الحلم بالمستقبل. أمور كثيرة في حياته غائبة عائمة، عدا معالجة والده لبعض أخطائه أحيانا بالضرب. حقيقة ساطعة في حياته يحاول جاهدا تفاديها خوفا من العقاب. ولا شيء يرحم حالة الاغتراب النفسي الذي يعانيه.



عقل أبوي متفتح
"جمال"، 16 عاما، من مديرية الشيخ عثمان (ثاني ثانوي – علمي- ثانوية البنيان – خاصة) يحمل الملامح الطفولية ذاتها، إلا أنه كثير النشاط والحيوية. قال: "أتمنى أن أصبح ضابطا كأبي يعمل في قسم التحري في الشرطة، فهو قدوتي وصديقي".
وتابع حديثه: "أبي لا يؤمن بالضرب كحل للأخطاء أو المشكلات التي نقع فيها، فنحن أربعة أخوة، ولكن يناقش الأمور ويعالجها بهدوء وحكمة، فمثلا لكي يبعدني عن الشللية والفراغ أخذني لنادي الوحدة الرياضي بمديرية الشيخ عثمان لأتدرب على الحديد، رفع الأثقال وممارسة الرياضة وكرة القدم، وكذا التدرب على الحاسوب، ولذلك فيومي زاخر بالعمل والرياضة والمذاكرة، ووقت الفراغ الجأ إلى الحاسوب تحت إشراف الأسرة طبعا وفي الأولوية الالتزام بالصلاة في أوقاتها. أشعر أنه لا ينقصني شيء، والحمد لله".



مخاطر الشارع على الطفولة
من جهة أخرى التقينا أحمد محمد علي بمديرية المعلا، أب لخمسة أبناء. قال: "التربية الجيدة والمتابعة المستمرة ضرورية للأبناء فالحرية تفتح أمامهم طريقا صعبا إذا انفلت الزمام لا يمكن تدارك العواقب مطلقا، لهذا على الأب أن يتحلى بالحزم والصبر".
وتابع قائلا: "أعترف حقيقة بأن الشارع والأصدقاء يكون تأثيرهم أشرس وأفتك على الأبناء دون حسبان للمراحل العمرية. وهذا ما عانيته، فابني الأكبر (سابع ابتدائي) وخوفا من تأثير من هم أكبر سنا عليه لتواجدهم جماعات في الشارع المحاذي لعماراتنا، اضطررت لأخذه معي للعمل أيام الإجازات الأسبوعية والصيفية".



في عالم الكبار
وأضاف: "حقيقة صعب أن أشركه في عالم الكبار، ولكن ما يتعلمه ويستفيده أهون كثيرا عندي مما سيأخذه من شباب فارغ لا همّ له غير الجلوس واجترار الكلام والنكات والمعاكسات"، مشيرا إلى أن البنات مشاكلهن صغيرة لا تذكر مقارنة بالأبناء، معتبرا أن على الأب أن يعرف الاختلاف الفطري في ذكاء ومواهب أبنائه والمهارات في التعليم وغيره وعلى الأب أن ينمي ذلك ويساعد على إظهاره والعناية به".
وعن عقوبة الأبناء أجاب: "الضرب أمارسه نادرا عندما يتكرر نفس الخطأ وتجاهل النصيحة، مع منع من الخروج لمدة من ثلاثة أيام إلى أسبوع للعب في الشارع"، مشددا على ضرورة الحزم مع الأبناء ليعرف الابن أن مصالحه ستفقد في حالة العصيان. وعلى الأب أن يشعر أبناءه بمحبته وبلحظات دائمة تجمعه بهم ولا أروع من تناول وجبات طعام الغداء والعشاء معا مهما كانت المشاغل اليومية. وعلى العموم أبناؤنا يسيرون على خطانا وكما تربينا نربي أبناءنا".



ماذا قالت "أم سامي"؟


"أم سامي" من مديرية البريقة، موظفة، أرملة، أم لستة من البنين. قالت: "الأم لها الدور الكبير تجاه أبنائها، فهم أكثر التصاقا بها وعاطفتها تقربهم لها، فالأم راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. فكثيرا من البيوت بوجود الأبوين ينشأ الأطفال نشأة اليتامى وعيشة المشردين، لذا على الأم أن تربي أطفالها على حب الله وطاعته وغرس الوازع الديني لديهم وتوجيههم، خصوصا الأولاد، بهدوء دون أرغامهم على شيء، والدعاء لهم، فالقدوة الصالحة هنا ضرورية".
وأضافت: "التربية والتعامل مع الأبناء يجب أن يسودها العدل، الوضوح، الحزم، التوجيه، والإشراف، آخذين بعين الاعتبار اختلاف الميول والطباع من ابن لآخر، فالابن الأكبر مثلا يحب القراءة والاطلاع وطلب العلم الشرعي، ويختلف بالنسبة للآخرين، منهم من يحب الرياضة ومنهم من يهوى الاستماع إلى الأغاني أو أفلام الأطفال... وهذه الاختلافات طبيعية".



الضرب بالحزام
وعن وسيلة العقاب أكدت "أم سامي" أن الضرب بالحزام وسيلة لتربية الأولاد بعد المناقشة، التوجيه وتكرار النصيحة، فهناك ضوابط في المنزل وخارجه يجب ألا يتجاوزها أحد، كعدم التأخير خارج المنزل إلى ما بعد الساعة الثامنة على سبيل المثال. فالحزم ضروري حتى لا تنفلت الأمور. فكل ما تصنعه الأم من جهد لأبنائها تجني ثماره خيرا للأسرة وللمجتمع في المستقبل".



الصحة النفسية
في سياق متصل أكدت الدكتورة آمال باصديق، أمين عام الجمعية اليمنية للصحة النفسية بعدن، أن الأب والأم لا بديل لهما في تربية الأبناء ويظل تأثيرهما لدى الأبناء حتى نهاية العمر، مشيرة إلى أن الطفل يختزن خلال سنواته الأولى، 1 – 5، كل ما يدور في محيطه الاجتماعي، لذا يجب إشباعه بيولوجيا، نفسيا، اجتماعيا، وإضفاء أجواء الدفء والأمان وإحساسه بالانتماء. فاحتياجات الطفل لا تقتصر على المأكل والمشرب فحسب، بل تتعدى للجوانب النفسية التي من شأنها توفير الطمأنينة والاستقرار، منوهة في معرض حديثها بضرورة أن يكون للآباء والأمهات نظرة واحدة وأسلوب واحد في التعامل مع الأبناء، حتى لا تكون هناك طريقتان مختلفتان في تربيتهم مما يؤثر سلبا على شخصياتهم مستقبلا.
وفندت الدكتورة آمال مجالات وأساليب التربية قائلة إن "الأم تسعى إلى زرع نفسية جيدة لدى أبنائها، وتتوق إلى تثبيت أخلاق حميدة في شخصياتهم".
ومضت تقول: "نحن نعلم أن الأبناء يقلدون ذويهم في كل شيء ويتشربون أفكارهم بسهولة. وهنا يبدأ دور الأم الحقيقي في التربية، وغرس الأخلاق الحميدة والأفكار الإسلامية".
واستطردت قائلة: "على الأم ألا تستعمل معهم أو على مسامعهم الألفاظ البذيئة وأن تعاملهم باحترام وكأنهم كبروا والاستماع لهم ولآرائهم ومناقشتها معهم وأن تذكر أمامهم أن المعاملة الحسنة واحترام الغير أهم صفات يتحلى بها الإنسان وتعلمهم مساعدة الآخرين والفقراء وتوجههم نحو محبة الغير مهما كان مستواهم الاجتماعي، وألا تلفت نظرهم إلى اللهاث وراء المال والمراكز الاجتماعية؛ ولكن عليها أن تغرس فيهم كثيراً من القيم والمبادئ وأهمية التواضع والمشاركة والمساعدة واللطف والتسامح".



مسؤولية الأبوين أولا
من ناحية ثانية أفاد علي جعفر سعيد فارع، الأخصائي الاجتماعي، مسؤول القسم الإعلامي بمركز التوعية البيئية التابع لصندوق النظافة وتحسين المدينة بعدن، بأن التربية الصالحة للأبناء مسؤولية الأبوين معا وتقوم أساسا على الإعداد، التوجيه، وغرس القيم والمعاني الكريمة وتعميق جذور الأخلاق النبيلة من مظاهرها. فالمظهر كما قيل خداع ولا يكشف عما في أعماق المرء، لذا يجب الحرص على بناء الابن من الداخل قبل خارجه والذي يمثل جوهر التربية الصحيحة.
وأضاف: "القدوة الحسنة، الترهيب، الترغيب، النصح، الإرشاد، من شأنها بناء شخصية متماسكة خلاقة تعود على الأسرة ومستقبلها وللمجتمع بالخير والسعادة. لذا على الأب والأم أن يحافظا على هيبتهما وكرامتهما؛ فهما القدوة الصالحة لأبنائهم"، مؤكدا أن المحبة الخالصة للأبناء واحترام الأب لذاته والبعد عن العصبية والغضب واحتواء المواقف بحكمة وحزم وتصحيح كثير من الانحرافات الأخلاقية السلوكية إن وجدت وخلق حوار متواصل بين الأب وأبنائه، كل ذلك كفيل بخلق شخصية متوازنة علما بأن القسوة والعنف الجسدي واللفظي على الأبناء ودفعهم لسوق العمل يخلق شخصيات مهترئة، خجولة، انطوائية، أو عدوانية".


 


السياسية

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)