يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
شبكة أخبار الجنوب - الجندي

الثلاثاء, 09-يونيو-2009
عبده محمد الجندي -
الازمة بين السلطة والمعارضة هي في ابعادها ازمة ثقة مركبة انها وليدة   سوء العلاقة بين من هم في السلطة ومن هم في المعارضة من الناحية النظرية البحتة، الا انها من الناحية الواقعية ازمة ثقة بالنفس قبل ان تكون ازمة ثقة بالآخر لأن المعارضة التي خرجت من السلطة بشرعية انتخابية لم تعد تثق بما لديها من قدرات تنافسية على العودة اليها بذات الاسلوب الذي خرجت به من قبل، حتى ولو فعلنا عليها من حيث الحرية والنزاهة والشفافية افضل القوانين والدساتير المعمول بها في ارقى البلدان الديمقراطية الناجحة ذات الانظمة البرلمانية والرئاسية والمختلطة، لانها -أي المعارضة اليمنية- تقيس المستقبل على الماضي وتشعر بانها كانت بالأمس القريب والبعيد افضل مما هي عليه اليوم قدرة على الدخول في معارك انتخابية تنافسية رئاسية كانت او برلمانية او محلية، لا يعرف احد لمن تكون الغلبة فيها لانها حديث عما في قلوب الناخبين.
لذلك اطلقت لنفسها العنان في البحث عن مخرجات وتاويلات وبدائل غير ديمقراطية حوارية حيناً ووفاقية حيناً واتفاقية غير ديمقراطية معظم الاحيان، ما تكاد تنتهي في الا قتراب من مبدأ مناقشة الآخر لما لديها من الآراء والمقترحات.. عن النظام الرئاسي والنظام البرلماني ونظام القائمة النسبية الا لتخرج من مطالب عاطفية اخرى غير ديمقراطية تجريها عبر ما تطلق عليه باللقاءات والحوارات التشاورية غير المفهومة في سلسلة متصلة ومنفصلة من المصطلحات الحزبية والديمقراطية الاسم والشمولية المضمون، لا تعرف من اين تبدأ او لا تعرف الى اين تنتهي؟!.
ولا تعرف كيف تبدأ؟! ولا تعرف كيف تنتهي؟ من البداية العديمة النهاية التي وضعت نفسها فيها بصورة مثيرة للغرابة ومحيرة لكل علماء الديمقراطية الليبرالية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية، فنجدها لذلك في حالة تخبط تعكس ما لديها من ازمة ثقة مركبة على نحو نبينه في الآتي:
<أزمة ثقة بالنفس ناتجة عن احساس غير مبرر بضعف ما لديها من قدرات تنافسية تحتمل الهزيمة اكثر من النصر.
< أزمة ثقة بالآخر تعكس ما لديها من مطالب متناقضة بين اللحظة واللحظة فهي تتفق معه على التمديد لتحقيق اصلاحات سياسية وانتخابية، ثم تتراجع عنها الى الخلف دون سبب.
< وتتفق معه على تعديلات دستورية وقانونية ثم تطالبه بتسوية تاريخية وشراكة في السلطة والثروة باساليب غير معلومة وغير مفهومة واقرب الى الا لغاز المحيرة.
< وتتفق معه على سريان التمديد وتلتف عليه في طرح القضية الجنوبية حيناً والحوثيين حيناً آخر رغم علمها ان الانفصال والعودة الى الامامة مسائل غير قابلة للمناقشة والاخذ والرد.
< وتتفق معه على بدء الحوار وتفاجئه في مواقف تساوي بينه وبين الذين يدعون جهاراً نهاراً الى فصل الجنوب على الشمال، وتدعو الى حوار ينقذ الوطن من الكارثة الناتجة عن تحول الازمة الى خطر ساحق وماحق.
وتدعو الشماليين الى محاكاة الانفصاليين تحت يافطة الحراك السلمي في المحافظات الشمالية لاسقاط النظام.
< وتتفق معه على الديمقراطية اسماً وتتراجع في مطالبها الى الشمولية والجبهة الوطنيةالعريضة مضموناً من خلال مثل هذه الشبهات والحراكات الفوضوية اللا معقولة واللا مقبولة واللاديمقراطية.
< تؤيد الذين يطالبون بالانفصال علناً وتنكر ذلك في اللقاءات المغلقة والمثيرة للريبة، الناتجة عن تقلبات المواقف واضطرابها تبعاً لتقلب الليل والنهار حيث نجد لها في كل يوم مواقف مختلفة عما قبلها من مواقف الأمس المعلنة.
< لأنها قبل ذلك وبعد ذلك تعاني من ازمة ثقة مركبة بنفسها وبخصومها وبالهيئة الناخبة التي تتهمها بالانقياد الاعمى للحزب الحاكم بحكم ما لديه من المغريات والمؤثرات المادية.. اقول ذلك واقصد به ان ازمة الثقة المركبة هي التي جعلت البعض من الساسة المعارضين يساوون خطأً بين الذين يدافعون عن الوحدة والذين يطالبون بالانفصال لا لشيء اللهم الا لانهم يريدون ان يقولوا للشعب انهم في موقف المنقذ للجمهورية والوحدة والديمقراطية، ويضعون انفسهم بوعي وبدون وعي وبقصد وبدون قصد في تناقضات غير مفهومة وغير معلومة وغير قابلة للتبرير والتفسير بأي حال من الأحوال المحايدة.
وهكذا ما برحت المعارضة تطلق على الواقع اليمني الراهن بانه ناتج عن أزمة سياسية تعكس سوء استخدام الاغلبية الحاكمة للسلطة وما يترتب عليها من فساد مالي واداري وقضائي وبلا قيود ولا حدود، وكانها تقول للشعب ان الحل يستوجب مراجعة المواقف وعدم منح الثقة لهذه الاغلبية مرة ثانية وتقدم نفسها انها البديل الديمقراطي الافضل الذي يمتلك حلولاً سحرية للأزمة الشاملة، مادحة نفسها ومنزهة خطابها من تحمل اية تبعات أو مسؤوليات عن مجمل العوامل التي تؤدي الى تراكم وتفاقم هذه الازمة، رغم معرفتها المسبقة بانها تقول كلاماً اقرب الى المزايدة والمكايدة ولا تملك دليلاً تقنع به الشعب سوى تكرار الخطابات التهويلية عبر دعوات تشبه ما تطلقه عصافير القرانع قبل شروق شمس كل يوم من صفارات انذار، تقول بها للشعب «امسكوا سماكم، سماكم فلت ضاوى الضوء ما علي درك ربما لأن ما اعتادت عليه من النوم المقلوب على ظهرها قد جعلها تعتقد خطأً ان ارجلها تتحول كل مساء الى اعمدة تتحمل السماء من الفلتان الى الأرض وسحق ما عليها من الكائنات الحية الحيوانية والعاقلة، فتعفي نفسها من مسؤولية الكارثة باطلاق صفارة الانذار المسبق عند كل يقظة واعتدال وقبل مغادرة مكان النوم الى الفضاء الرحب بحثاً عن قسط من حياة الرزق ومن حيوية الشمس.
< وما برحت الحكومة تحت ضغط الخوف على السلطة تتهم المعارضة بانها مأزومة في تكوينها الفسيولوجي والنفسي وتهويلها الخطابي، لأن الازمة تكمن في خطابها المعبر عن اطماعها في السلطة وشعورها المسبق بعدم القدرة في الوصول اليها من البوابة الانتخابية المغلقة لما تكون بينها وبين الهيئة الناخبة من ازمة ثقة وضعف مصداقية، تحولت مع المدى الى جدارات شك سميكة وغير قابلة للإزاله السهلة في وقت تخجل فيه من الافصاح عن المطالبة العلنية بنصيب من الشراكة في السلطة والثروة باساليب حوارية ووفاقية واتفاقية تقاسمية وغير ديمقراطية حتى ولو كان عن طريق الدخول الى السلطة من النوافذ المفتوحة بدلاً عن الدخول من الابواب الانتخابية المغلقة، وان الازمة ناتجة عما لديها من المعتقدات الخاطئة والمشهابهة لاوهام القرانع التي اعتادت النوم على ظهرها لذلك فهي لا تملك الجرأة في تسمية الأمور بمسمياتها عن طريق وضع النقاط على الحروف والاعتراف بضعف قدراتها التنافسية كمدخل للمطالبة بنصيب من السلطة باساليب اقرب الى التوسل القائمة على الشفقة والرحمة غير الديمقراطية منها الى الحق الانتخابي الديمقراطي المشروع، فلا تجد ما تبرر به خطابها المتشائم سوى هذا النوع من المزايدات والمناكفات السياسية والإعلامية بطريقة الهجوم خير وسيلة للدفاع مهما كان باطلاً.
والحقيقة ان المشكلة ناتجة عن ازمة ثقة وازمة مصداقية بين الاغلبية الحاكمة والاقلية المعارضة، قبل ان تكون ناتجة عن أزمة سياسية قابلة للمراجعة والتصويب بلغة قانونية وحوارية شفافة وكاشفة للاعوجاجات الارادية واللاارادية الخاطئة والفاسدة.
مطلوب من طرفي العملية الديمقراطية المزيد من المصداقية والموضوعية في علاقاتهما الحوارية وما تستوجبه من المباشرة في وضع النقاط على الحروف وتسمية الامور والمطالب بمسمياتها الصحيحة بدلاً من الدخول في مشاورات اللف والدوران غير المباشرة وما تنطوي عليه من المعتركات والمنعرجات الطويلة التي لها اخطارها وتداعياتها وعواقبها الوخيمة على الوطن والشعب والتجربة الديمقراطية، وهي مازالت بعد صبية في مهدها تحتاج الى الرعاية المشتركة وتبادل التنازلات من قبل الاغلبية والاقلية، حتى لا تكون ازمة الثقة بين طرفي العملية الديمقراطية هي الفجوة الكبيرة التي تتسلل منها القوى الإمامية والقوى الانفصالية للنيل من الثورة والوحدة.
أقول ذلك واقصد به ان التداول السلمي لسلطة الحكم وسلطة المعارضة تحتم على جميع الاطراف السياسية تكوين الاصطفاف الوطني القادر على التصدي الحازم والشجاع للقوى الظلامية القادمة من وراء التاريخ، التي لا تؤمن بالنظام الجمهوري ولا بالوحدة اليمنية ولا بالديمقراطية القائمة على التعددية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، والتي لا تفرق بين من هم في السلطة ومن هم في المعارضة مهما ناورت ومهما تظاهرت بقربها من هذا الطرف او ذاك في محاولة الاستقواء به لاضعاف الآخر، إلا انها في الحقيقة تتمنى الهلاك للطرفين معاً ما لم يتراجعا عن قناعاتهما في المشروع الحضاري التقدمي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الكبير لصالح ما قبله وما بعده من مشاريع تخلف صغيرة، تعيد عجلة التاريخ الى الخلف على نحو يغضب الشهداء من الآباء والأجداد الذين يموتون ولكنهم احياء يرزقون بجوار خالقهم الاعظم.
وتغضب ايضاً ابناء الشعب اليمني بشكل عام اصحاب المصلحة الحقيقية في المشروع الحضاري الكبير، الذين تكمن مصالحهم الحيوية في وحدة القوى الجمهورية الوحدوية الديمقراطية رغم اختلافها فيما لديها من برامج انتخابية اقتصادية واجتماعية وثقافية..الخ دائمة التجديد والتجدد المواكب لكل المتغيرات.
أي ان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود والوحدة قضية لانه خلاف على المتغيرات الاقتصادية الاجتماعية التنموية وليس خلافاً على الثوابت الوطنية انما خلاف حول كيفية بناء الدولة اليمنية القوية وليس خلافاً حول كيفية اضعاف الدولة اليمنية.. نظراً لما يترتب عليه من اضعاف ضمني للقوى الجمهورية الوحدوية الديمقراطية الحاكمة والمعارضة المعنية بالتنافس في معركة التداول السلمي للسلطة، وما تستوجبه المنافسات الانتخابية الموسمية من تناغم في معركة للقوى المضادة للثورة والوحدة والديمقراطية، التي لها بداية معلومة وليس لها نهاية على الاطلاق لذلك لا بد على طرفي العملية الديمقراطية من الابتعاد عن لغة المكايدات والمزايدات الانتخابية ازاء ما يعتمل في واقع اليوم من تحديات ومؤامرات سياسية، تحاول في لحظة خلاف ان تنفث ما لديها من السموم القاتله للقوة اذا لم اقل انها قاتلة للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. هذه السموم القاتلة للقوة وللحياة توجب على جميع الاطراف الابتعاد عن المكابرات والمقامرات اللا مسؤولة واستشعار ما هو مشترك من الواجبات الوطنية المقدسة حتى لا تجد نفسها منشغلة في معارك جانبية وهامشية تقذف بالجميع من قلب التاريخ وعمقه وذروته الى ما حوله من الحافات والهوامش والدروب الفرعية والجانبية الحاملة للموت أكثر من قدرتها على حمل الحياة المتجددة.إن المرحلة خطيرة والتحديات كبيرة تحتاج الى لحظة مراجعة جادة وعقلانية للنفس تنتهي بها الى ما تحتاجه من شجاعة الاعتراف بحتمية واهمية الضرورة الملحة للتراجع من الخطأ الى الصواب، لأن المراجعة والتراجع حتميات توجبها مجموعة من الضرورات الوطنية والتاريخية في سفر المنعطف الكبير للثورة الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وما تستوجبه من تجرد من الذاتية والأنانية باعتبارهما اقرب الطرق الى النكسات والهزائم السياسية الساحقة والماحقة، ولا يتأتى للطهارة والزهد أن ينتصرا على الذاتية والانانية في هذا النوع من سباق التجرد الشاق إلا من خلال عودة جادة الى الماضي ورؤية عميقة للحاضر والمستقبل وتخطي ما قبلهما وما بينهما وما بعدهما من الحسابات والملابسات مهما بدت مغرياتها مسيلة للعاب ومثيرة للاطماع ومولمة للنفس إلا انها ضرورات ومحظورات تقاس بما قبلها من المواعظ وبما بعدها من المصالح المشتركة والواعدة.. اقول ذلك واقصد به ان تحديد الأولويات لا يتم بنظرات عاطفية متسرعة ومرتجلة وميالة الى الطرق السهلة المحفوفة بالكثير من المغامرات والنتائج السالبة ذات العواقب الوخيمة والندم المحتوم بقدر ما يستوجب من العقلانية والموضوعية المتأنية والمدروسة ولو اقتضى السفر اليها من الطرق الصعبة والدروب المتوعرة المحفوفة بالكثير من الأشواك والعواسج المخيفة، إلا أنها تظل مبنية على خيارات مهما بدت شاقة لكنها مضمونه النتائج والعواقب الايجابية التي لا يتسلل اليها الندم من قبلها ولا من بعدها قط، كما هو حال التسرع والاستسهال والارتجال القابل للندم ولكن بعد فوات الأوان حيث لا يفيد الندم.
اقول ذلك واقصد به ان الاعتراف بوجود ازمة ثقة ناتجة عن خوف على السلطة او عن طمع فيها بداية الاعتراف المتبادل بأهمية العودة إلى الشراكة في تحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية الحاصلة للمشروع الوطني الحضاري الكبير باعتباره البديل الافضل لغيره من المشاريع الصغيرة.. ومن هذه البداية الصريحة والشفافة يجب ان يبدأ الحوار حول بناء الدولة وبناء الثروة قبل المطالبة بالتسوية التاريخية الهادفة الى تحقيق الشراكة في السلطة الثروة.. التي لا تعني لمن هم في الحكم ومن هم في المعارضة سوى حصاد المشاكل وما يترتب عليها من تبعات المسؤوليات.لأن الاتفاق على بناء الدولة القوية والاتفاق على استخراج وتنمية وتطوير الثروات الغنية لا بد وان يكون سابقاً للشراكه ومدخلاً مشروعاً وآمناً اليها أي الى الشراكة في السلطة والثروة، لأن الشراكة في السلطة الضعيفة والثروة الفقيرة قد لا تفي بالحد الأدنى من الحاجة والكفاية الحياتية قبل الكفاية الحضارية، لأن هذا الاتفاق الذي يعيد للطرفين ما يفتقد نه من ثقة مشتركة هو المدخل الى الحديث عن الشراكة بشرعية حوارية ووفاقية واتفاقية ينتج عنها سلسلة من الاصلاحات السياسية والاصلاحات الانتخابية الكفيلة بتحقيق الفرص المتكافئة.. قد يقول البعض ان الصعوبة -ويقصد به فضيلة العودة الى الحق- تحتاج الى وضوح وشجاعة من الطرفين، فأقول بالأحرى ان العودة المشتركة السابقة للثقة قد تكون صعبة على الحزب الحاكم وعلى احزاب المشترك وعلى احزاب المعارضة الأخرى.. لأن كل طرف لا يريد الاعتراف للشعب بانه الاضعف وبانه الاكثر حاجة للآخر الأقوى منه حتى ولو علمنا سلفاً ان الحزب الحاكم هو الأقوى واحزاب المعارضة هي الأضعف.. وان بداية العودة الى الحق تقع عليهما معاً او على أي منها، فإن المؤكد يقيناً المبنى على الممارسة والتجربة العملية ان فخامة رئيس الجمهورية هو الأقوى وهو بحكم موقعه ودوره التاريخي ومسؤولياته الوطنية والقيادية الرفيعة هو المعني بدعوة الجميع الى العودة الى فضيلة الحق والبدأ في الحوار الوطني الشامل والشفاف، الذي يحتم على الطرف الأضعف- المشترك- ان يفسر مفهومه للتسوية التاريخية وللشراكة في السلطة والثروة حسب ما يصدر عنه من الخطابات السياسية، على اعتبار ان المطالب بهذا النوع من المطالب التي لا تتفق مع المفهوم التقليدي الشائع للديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية.. بحيث يصبح الحزب الحاكم امام مسؤولياته في ان يفصح عن مفهوم للحوار العام والشامل، ويحدد بالتالي مدى استعداده لتنفيذ ما صدر عن رئيس الجمهورية من اشارات وعبارات موجزة حول حكومة الوحدة الوطنية بدلاً من حكومة الأغلبية البرلمانية.. هذه الفكرة التي لم تكن مقبولة من احزاب المشترك الذين يطالبون بالتسوية التاريخية وبالشراكة في السلطة والثروة كمطالب مزايدة فضفاضة لا اول لها ولا آخر ولا سابقة لها ولا مثيل في تاريخ التجارب الديمقراطية الناشئة والناضجة على حد سواء.. في بلد لا وجود فيه للاقليات الأثنية والعرقية القومية او حتى الدينية، والتي لا تساعد على استعادة الثقة بين اطراف العملية السياسية نظراً لما تنطوي عليه من العمومية المشبوهة بالغموض والشمولية غير الديمقراطية.
اما الحديث عن التشاور الوطني من خلال لجنة تشاور محصورة في نطاق الطرف الواحد فهي بمثابة عودة الى مربع الشمولية السابقة للوحدة والديمقراطية، التي تعيد الى الاذهان في الحاضر تجربة الماضي السري للأحزاب والتنظمات السياسية المحظورة التي تحاول الخروج التدريجي من مرحلة التحريم الحزبي وشعار من تحزب خان ومن طلب السياسة دفع رأسه ثمناً لها.
الى مرحلة شبه العلنية التي تعيدنا الى مربع المؤتمر الشعبي العام كمرحلة انتقالية جسدت فكرة الجبهة الوطنية العريضة.. أي أنها بمثابة الغاء للتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية تستوجب الغاء الدستور وما هو نافذ من القوانين المنظمة للحقوق والحريات نظراً لما تفترضه من الغاء للأحزاب والتنظيمات السياسية التي ولدت أو خرجت من عباءة المؤتمر الشعبي العام الذي كان حاكماً في الشمال والحزب الاشتراكي اليمني الذي كان حاكماً في الجنوب.. اي أنها فكرة شطرية وشمولية تلغي ما قبلها وما بعدها من التبدلات الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة.. ان الذين يضعون انفسهم في المواقع الأمامية لهذا التشاور الصاعد من ساحة المعارضة لا يمكن لهم ان يكونوا في مواقع جذب تمكنهم من تقديم المغريات الجاذبة للأحزاب والاشخاص لانهم يبحثون لأنفسهم عن سلطة او عن مواقع قيادية في السلطة.. هؤلاء الذين يبحثون عن مواقع النجومية السياسية ليسوا في وضع افضل من وضع أولئك الذين يدعونهم للانضمام اليهم من الذين يحكمون بشرعية انتخابية رئاسية او برلمانية او محلية، لانهم بحكم سيطرتهم على السلطة يريدون ان يكونوا متبوعين ولا يقبلون على الاطلاق بأن يكونوا تابعين لهذا الشخص او ذاك ولهذا الحزب او ذاك ولهذا التحالف او ذاك، لانهم يعرفون من موقعهم ان هؤلاء الباحثين لانفسهم ولأحزابهم عن ادوار غائبة بشرعية حوارية او وفاقية او اتفاقية يخططون ويحشدون من هم خارج السلطة للاستقواء بهم على من هم في السلطة في محاولات يائسة اقرب الى المغامرة غير المضمونة العواقب منها الى الانطلاقة المدروسة التي تعرف من أين تبدأ والى اين تنتهي؟!.. فلا هي مقبولة على الصعيد الشعبي ولا هي مقبولة على الصعيد الدولي بحكم ما دار حولها من شبهات التطرف الدينية اليمينية أو الايديولوجية اليسارية الشيوعية او حتى القومية الناصرية او البعثية.. اعود فاقول ان ملتقى التشاور لا يختلف عن غيره من الملتقيات التي تتم تحت شعارات التصالح والتسامح- الفضفاضة التي لا ينتج عنها بناء أحزاب وتنظيمات سياسية قوية وقادرة على النهوض باعباء قيادة المشروع الحضاري الوطني الكبير البديل لما قبله من الجداول والفروع والمشاريع الصغيرة الاسرية او العشائرية او القبلية او المناطقية او المذهبية او الطائفية الضيقة التي لا ترتقي الى مستوى عظمة الشعب اليمني، ناهيك عن عظمة الأمة العربية والعالم الإسلامي ذي الأمم المختلفة التكوين القومي ومعنى ذلك ان فكرة التشاور تعتبر من الأفكار الاقرب الى الشمولية الشطرية منها الى الافكار الوحدوية الديمقراطية السابقة للوحدة والديمقراطية، لا تفي بتحقيق حلم التسوية التاريخية والشراكة في السلطة والثروة لأنها صادرة عن افراد أحزاب يبحثون لانفسهم عن مكانات ومقامات سياسية من ساحة المعارضة وبشرعية حوارية وفاقية واتفاقية، تتنافى مع الشرعية الانتخابية المعترف بها من المجتمع الدولي في العالمين الأول والثاني.. اعود الى الحديث عن احياء الحوار الهادف الى استعادة ما هو مفقود من الثقة بين حزب الأغلبية واحزاب الاقلية، وهذا ما لا يمكن ان يتحقق إلا عبر رعاية ودعوة فخامة الرئيس الصالح وحزبه ولكن على أسس يقدم فيها الوضوح والمباشرة والصراحة على الغموض والعمومية والحذلقة السياسية، بحيث يكشف كل طرف عن رؤية للبداية والمسار والنهاية وما يليها من مراجعات وتراجعات عبر التنازلات المتبادلة بين جميع الأطراف.. وهذا بالتأكيد حوار حول بناء لدولة وحول بناء الثروة ولا اقول حوار حول الوطن وحول الثورة وحول الوحدة وحول الديمقراطية.. أي انه حوار من أجل حماية الثوابت الوطنية والدينية، ولا اقول حوار من اجل هدم ما هو مقدس من الثوابت الوطنية والدينية غايته تحقيق سلسلة من الاصلاحات الدستورية والقانونية على قاعدة (الزيادة من الديمقراطية وليس على أساس الانتقاص منها) أو (على أساس التقدم في الديمقراطية الى الامام وليس على أساس التراجع عنها الى الخلف) مهما ترتب عليه من التنازلات الملزمة لمن لديه فائض سلطة ان يعود بها على من لا سلطة له.. اذا جاز لنا قياس الشاهد على الغائب او قياس السياسة على الدين حسب الحديث النبوي الشريف القائل (من كان لديه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له.. ومن كان لديه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له.. وومن كان لدي فضل مال فليعد به على من لا مال له ...الخ).
اقول ذلك واقصد به ان لدينا ازمة ثقة بين من هم في الحكم ومن هم في المعارضة ولكن لم تتحول بعد الى مستوى الأزمة السياسية الناتجة عن تعطيل ما لدينا من المرجعية الدستورية والقانونية.. لأن الجدل الذي نسمع له جعجعة ولكن لا نرى له طحيناً لم يصل بعد الى مستوى الأزمة السياسية طالما كانت مطالبه في الغالب الاعم غير ديمقراطية تستغل الأزمة الاقتصادية وبعض الانحرافات الإمامية أو الانفصالية لتحقيق مكاسب بأساليب الصفقات السياسية.. ولا اعتقد ان طرح الجمهورية او الوحدة كأوراق مفاوضات للمساومات السياسية من مصلحة أحزاب المعارضة سواء كانت داخل احزاب اللقاء المشترك أو داخل ملتقى التشاور او حتى التصالح والتسامح من اجل العودة الى ماقبل الثورة وما قبل الوحدة, نظراً لما سوف يترتب عليها من عواقب وخيمة على الوطن والشعب
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)