يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
شبكة أخبار الجنوب - البرلمان اليمني

الثلاثاء, 26-يناير-2016
شبكة اخبارالجنوب - صنعاء -
الدكتور/ سيف العسلي

يا أهلي في اليمن.. لن تخرجوا من هذه الأزمة الخانقة التي تعانون منها إلا إذا ذبحتم البقرة. البقرة هنا هي تقاسم السلطة. ولن يذبح تقاسم السلطة إلا إذا تم إجراء انتخابات حرة ونزيهة، فإن لم تقدروا على ذبح البقرة، فعلى الأقل طالبوا بذبحها من خلال رفع صوتكم للمطالبة بها من غير شروط مسبقة وبأسرع وقت.

كما تعلمون لو كانت انتخابات مجلس النواب تمت في موعدها الدستوري في عام 2007 ما كان ليحدث ما حدث. ولو كانت تمت انتخابات رئاسية مبكرة في عام 2011 ما كان ليحدث ما حدث. ولو كانت الانتخابات الرئاسية في عام 2012 حرة ونزيهة، ما كان ليحدث ما حدث. ولو كانت المبادرة الخليجية، سيئة الذكر، حددت موعداً ثابتاً للانتخابات، ما كان ليحدث ما حدث. ولو كان مؤتمر الحوار الفاشل أصر على إقامة الانتخابات، ما كان ليحدث ما حدث. ولو لم توافق القوى السياسية على التجديد لمن لم ينتخب انتخابات حرة وفشل في إدارة البلاد، ما كان ليحدث ما حدث. ولو كانت اتفاقية السلم والشراكة جعلت الانتخابات أولوية قصوى، ما كان ليحدث ما حدث. ولو كانت حركة أنصار الله دعت إلى انتخابات حرة، ما كان ليحدث ما حدث. ولو تم الحوار في موفمبيك اقتصر على إجراء الانتخابات، ما كان ليحدث ما حدث. ولو كان محور حوار جنيف الأول والثاني الانتخابات الحرة والنزيهة، ما كانت استمرت الحرب.

يا أهلي في اليمن.. ما لم تطالبوا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فلن تنتهي الحرب، وإذا انتهت هذه الحرب فإنه، وبكل تأكيد، ستتبعها حرب أو حروب أخرى. فليس أمامكم أي خيار للخروج من هذه الأزمة الخانقة إلا الانتخابات.

يا أهلي في اليمن.. سيقولون لكم كيف يمكن إجراء انتخابات في ظل الحرب؟ فقولوا لهم لماذا لم تدعوا لها قبل الحرب إن كنتم صادقين. سيقولون لكم إنهم سيجرونها بعد الحرب، فقولوا لهم لن تنتهي الجرب بدونها، ثم من سيضمن ذلك ومن يضمن أن تكون حرة ونزيهة؟

يا أهلي في اليمن.. قولوا لهم أليس إجراء الانتخابات أسهل بكثير من مفاوضاتكم قبل الحرب، وأثناء الحرب، وبعد الحرب. أليست تكاليف الحرب أكبر بكثير من تكاليف أي انتخابات؟ أليست الحرب تولد العداوات والانتخابات تولد التصالح؟

يا أهلي في اليمن.. صدقوني أن من يعارض إجراء الانتخابات الآن، لأي سبب من الأسباب، فإنه لن يقيمها إذا انتصر، ولن تصدق وعوده إذا انهزم. فالمنتصر سيعمل على تأجيل الانتخابات حتى يستفيد من انتصاره وحتى يهيئ المسرح لها كما يخيل له حتى تكون في صالحه. والمهزوم لن يصدق أحد أي مطالبة منه بها.

يا أهلي في اليمن.. أعتقد أن هناك تشابهاً في قصة بقرة بني إسرائيل التي وردت في القرآن، وموقف القوى السياسية من الانتخابات في اليمن.

قصة بني إسرائيل معروفة في القرآن والتاريخ. وفحواها أن الله أكرمهم بأن أرسل إليهم رسلاً منهم يعلمونهم الكتاب والحكمة. وبذلك فقد كانوا مميزين بين الأمم التي كانت معاصرة لهم. ولكنهم أساءوا فهم نعمة الله عليهم، فتكبروا على الله وعلى خلقه. فسلط الله بعضهم على بعض.

وكان من فضل الله عليهم أن نجاهم من أقسى ظلم واستعباد في العالم القديم والحديث الذي مورس عليهم في مصر القديمة. فقد كان آل فرعون يسومونهم سوء العذاب يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم. وكانوا يعاملونهم كالجمادات أو أسوأ منها. فأعاد الله تأهيلهم، حيث أخرجهم من مصر وأغرق آل فرعون أمام عيونهم، وأنزل الله عليهم كتاباً من السماء يعلمهم الحياة البشرية من جديد، ولكنهم لم يساعدوا أنفسهم، بل حولوا كل الغضب الذي كان في صدورهم ضد المصرين إلى غضب على بعضهم البعض.

ومن أشد الأمور غرابة أنهم قلدوا المصريين في قتل أنفسهم، واستهانوا بها كما كان المصريون يستهينون بها من قبل. يقول الله تعالى في سورة البقرة: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (86) ).

وقد حذر الله الامم الأخرى من الوقوع في هذه المصيدة. يقول الله تعالى في سورة البقرة: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (104). أي لا تبرروا لأنفسكم قتل الآخرين، فإن فعلتم فسوف تبررون قتل أنفسكم كما تقتلونهم. فتبرير قتل الإنسان أخاه الإنسان يبرر في نفس الوقت قتل الإنسان المُبَرِّر. فمن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً.

ومن أجل أن يوضح الله لبني إسرائيل فداحة ذلك ولمن بعدهم من الأمم، فقد أمرهم أن يذبحوا بقرة. ولكنهم تلكأوا ولم يبادروا إلى ذلك. وبالمقارنة بين تصرفهم هذا وتصرفهم عندما أمرهم بقتل أنفسهم، سنجد أنهم عندما أمرهم الله بقتل أنفسهم بادروا إلى ذلك، ولكان من الممكن أن يبيدوا أنفسهم جميعاً لولا أن الله منعهم من ذلك بتوبته عليهم. ولكن عندما أمرهم الله أن يذبحوا بقرة، فقط بقرة واحدة، ترددوا وتلكأوا. فقد كانوا ينظرون إلى أنفسهم نظرة دونية، فالبقرة أفضل منهم جميعاً. يقول الله تعالى في سورة البقرة: ((وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)) (67). فقد استغربوا من أمرهم بذبح بقرة واحدة على الرغم من أن هذا الطلب ليس بالأمر الكبير. فكل واحد كان يتمنى أن الله يختار بقرته وليس بقرة أخرى، وفي هذه الحالة فإنه سيبادر إلى ذبحها من أجل أن يكرم لذلك.

ومما يشير إلى ذلك تساؤلهم عن البقرة وليس عن الأسباب التي دعت إلى ذبحها: ((قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ)) (68)، أي بقرة عادية مما تملكون بشرط أن لا تكون متطرفة، أي غالية أو رخيصة الثمن. وهناك كثير من بقركم يمكن أن تنطبق عليها هذه الشروط. لكنهم لم يكتفوا بهذا الجواب لأن سؤالهم شيء وما يخفونه من وراء السؤال شيء آخر.

فتجرأوا على أن يسألوا سؤالاً يصعب الإجابة عليه. ذلك أن لون البقر في الغالب يكون بين الصفرة والحمرة، وبالتالي فإنه لا تتفاضل بين البقر باللون، وإنما تتفاضل في الحليب والتوالد، ولا علاقة بين اللون وهذه الصفات: ((قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)) (69). وبما أنهم قد صعبوا على أنفسهم، فقد صعب الله عليهم لأن التمييز بين هذا اللون صعب.

وهنا فعلاً أصبحوا في ورطة حقيقية. إذ أنه لا يمكن التمييز بين الوان البقر. وعندما صدقوا وضح الله لهم البقرة: ((قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ)) (70). وعندما ظهر صدقهم وضح الله لهم البقرة بشكل لا يقبل التملص: ((قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) (71).

فقد كانت هذه الصفات تنطبق على بقرة واحدة هي بقرة الفقير منهم لأنه لا يوجد لديه أرض تحرثها بقرته ولا زرع تسقيه. وليس لديه بقرة أخرى فهو يعتني بها أيما عناية، ولذلك فقد كانت بقرة مميزة.

وكان الدرس من هذا كله، أن الله قد أكرم صاحب البقرة الفقير من إنصاف المقتول الفقير أيضاً. فهذا الفقير قتله متنفذ، ولذلك فلم يجرؤ أحد منهم أن يطالبه بتحمل نتائج عمله الإجرامي، وأن الله قد اختار بقرة الفقير على بقر الأغنياء: ((وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) )).
كذلك الحال في اليمن، فقد استفحل حال النخب السياسية، فهي لا تستطيع أن تتقاسم السلطة بينها، وهي في نفس الوقت لا تسمح لغيرها الوصول إلى السلطة بأي طريقة كانت. فعندما عجزت وكانت بين خيارين إما أن تذهب إلى الانتخابات فتخسر السلطة، وإما أن تذهب إلى الحرب، فتحتفظ بها، فهذبت إلى الحرب.

في الحرب يتضرر الفقراء، ويزداد الأغنياء غنى. في الحرب يُقتل الفقراء، ويزداد المتنفذون نفوذاً. بعد الحرب سيتم نسيان كل الشعارات التي أطلقت لدغدغة عواطف الفقراء والمظلومين ويتم تقاسم السلطة والنفوذ بين المنتصرين من جديد.

يا أهلي في اليمن.. طالبوا بذبح البقرة، أي التقاسم من خلال المطالبة بإجراء الانتخابات وبدون تأخير أو أي شروط، ولا تقبلوا بالأعذار الواهية. وحاجوهم كما حاج الله بني إسرائيل.

ففي هذه الحالة فإن المتقاتلين عليها سيتوقفون عن القتال؛ لأنه لن يكون هناك شيء يتقاتلون عليه. ناقشوا ذلك في مقايلكم، وفي شبكات التواصل الاجتماعية، واسمعوا صوتكم للداخل والخارج.

وعندما تدركون أهمية الانتخابات، وسهولة إقامتها في أي وقت، وفي أي بلد، بعد أن تطورت وسائل الإعداد لها والرقابة عليها من خلال برامج الحاسب الآلي المتوافرة، ستدركون أنكم يمكن أن تجبروهم على إجرائها، فإن أصروا على غير ذلك، فقوموا بها أنتم، وإن لم يوافق على ذلك المتحاربون.

يا أهلي في اليمن.. صدقوني أنكم إن لم تقوموا بذلك، فإنكم ستظلون ترزحون تحت وطأة كل أنواع المعاناة التي أنتم فيها الآن والتي سيكون القادم منها أسوأ بكثير.
* المقال خاص لوكالة خبر

*وزير المالية الأسبق البروفيسور «سيف العسلي»
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)