يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الثلاثاء, 10-أبريل-2012
شبكة أخبار الجنوب - سراج الدين سراج الدين اليماني - شبكة اخبار الجنوب -

يشكل الإرهاب مظهرا من مظاهر العنف الذي يمارسه الإنسان في المجتمع، وأن هذه الممارسة لم تكن وليدة اليوم فهي منحدرة في تاريخه، فقد شهدها المصريين القدامى وامتدت إلى عصر الإغريق ثم عصر الرومان وفي فرنسا في القرن التاسع عشر مع إعلان الجمهورية اليعقوبية. ومع الحركات التحررية انتعش الإرهاب في مختلف أنحاء العالم بآسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وأصبح البديل للحروب التقليدية وفي السنوات الأخيرة تزايدت الأعمال الإرهابية بشكل مثير وملفت للنظر، فطرحت العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب والدوافع الكامنة وراء الظاهرة المريبة، ورغم أن هناك خلاف وتباين في تحديد الدوافع إلا أن الجميع يجمع أن دوافع تصاعد العمليات الإرهابية لا تخرج عن كونها سياسية تاريخية واقتصادية وشخصية. وإذا كان الإرهاب اعتداء، فإنه في الشريعة الإسلامية لا يخرج عن أحد الأمرين إما أن يكون بحق و بالتالي فهو جائز وإما أن يكون بغير حق فهو من تم محرم . المبحث الأول : مفهوم الإرهاب . سنحاول أولا أن نلقي نظرة على تعريف الإرهاب لغة واصطلاحا قبل أن نغوص في جذوره التاريخية والاجتماعية ( في مطلب ثان). تعريف الإرهاب. الفقرة الأولى: الإرهاب لغة واصطلاحا. منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي وكلمة ” الإرهاب” ومشتقاتها من أمثال ” إرهابي” و الإرهاب المضاد” وغيرها قد غزت بالفعل أدبيات جميع فروع العلوم الاجتماعية، فالمؤلفون في ميادين علم النفس وعلم الإجرام وعلم الاجتماع، وعلم اللاهوت … انكبوا على دراسة هذا الموضوع أكثر من أي ظاهرة اجتماعية – سياسية أخرى في عصرنا والذي يقرأ ويشاهد أو يستمع إلى رسائل الإعلام المختلفة، يعتقد أننا نعيش في حقبة من هوس الإرهاب، وأن الإرهاب هو الخطر البادي للعيان، وهو التهديد الرئيسي لوجود جيلنا والأجيال المقبلة ما لم يزل أثر هذه الظاهرة غير القابلة للاحتمال من وجه الأرض إلى الأبد . وفي هذه الدراسة سنحاول تهديد مفهوم الإرهاب سيما بعد صدور ونشر أكثر من 6000 كتاب ومقال وبحث حول الإرهاب والإرهاب المضاد خلال سنوات السبعينات والثمانينات وتأسيس الكثير من المعاهد التابعة للجامعات أو الحكومات لدراسة الإرهاب وثبوت عدم وجود اتفاق محدد لمفهوم الإرهاب. وسنعرض لماهية إرهاب من خلال التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي بالتطرق إلى التعريف الفقهي العربي منه والغربي وكذا التعريف التشريعي المغربي. أولا: الإرهاب لغة : أتت كلمة رهبة من رهب، رهبا ورهبه خافه وأرهب فلانا خوفه وفزعه والإرهابيون وصف يطلق على الذين سيسلكون سبل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية وفي القرآن الكريم عماد الشريعة الإسلامية ودستورها جاء ذكر مصطلح الرهبة ومشتقاته ثماني مرات، وقد استعملت الكلمة مرة واحدة بمعنى إضافة عدو الله وعدو المؤمنين خلال الجهاد، حيث قال جل شأنه :{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} ، أما الآيات السبع الأخرى فقد استعملت كلمة الرهبة من أجل الدعوة إلى مخافة الله فحسب . ويعود ظهور كلمة الإرهاب إلى الثورة الفرنسية، وترتبط بما يسمى حكم الإرهاب الذي يرى فيه روبيسبير ورفاقه عنوانا للفضيلة ولم تتحول هذه الكلمة عن معناها إلى المعنى الحالي والذي يضم أعداء المجتمع والخارجين على نظامه إلا بعد أن وصلت انجلترا وجعلت كاتبا ومفكرا مثل ” أدمون بيرلي” يطلق على الجماعات التي تحاول الترويج لآرائها بأسلوب التخويف والإكراه بقوله ” الآلاف من أوغاد الجحيم الذين يسمون بالإرهابيين”: وقد أورد الدكتور عبد العزيز مخيمر عبدالهادي ” في كتابه ” الإرهاب الدولي” بعض التعريفات اللغوية نورد منها ما يلي : 1-القاموس الفرنسي لاروس: يعرف الإرهاب بأنه ” مجموعة أعمال العنف التي ترتكبها مجموعات ثورية أو أسلوب عنف تستخدمه الحكومة ” 2-قاموس اللغة روبير : يعرف الإرهاب بأنه ” الاستخدام المنظم لوسائل استثنائية للعنف من أجل تحقيق هدف سياسي” 3-قاموس اللغة الإنجليزية: الصادر عن مطابع اكسفورد يعرف الإرهاب بأنه ” استخدام الرعب خصوصا لتحقيق أغراض سياسية”. ” الإرهاب والرهبة لغة توازي الخوف والذعر… يقال فلان أرهب فلانا أو جماعة : أي أخافهم و عمد إلى نشر الذعر بين صفوفهم في تملهم الفزع…” قال ابن منظور في كتابه لسان العرب” رهب بالكسر يرهب ورهبا بالضم ورهبا بالتحريك أي خاف، ورهب الشيء رهبا ورهبة : خافه. وفي التعريف اللغوي يقول الأستاذ تامر ابراهيم الجهماني: ” إن كلمة ” رهبة” من الناحية اللغوية، ينحدر أصلها من اللغة اللاتينية فيما بعد إلى لغات أخرى لدرجة أصبحت مشتقاتها ” الإرهابي، الإرهاب، الأعمال الإرهابية، الإرهاب المضاد… إلخ واسعة الانتشار وطبقا لما يقوله ( بوغدان زلاتريك) فإن مصطلح ” الإرهابيين.. أصبح مصطلحا موضع استعمال متباين مقرونا بمضامين جنائية”. ويبقى الإرهاب كمفهوم لغوي في ظل القواميس العربية مرادفا للعنف غير المشروع أو بالأحرى بديلا له وعلق الدكتور عبد الهادي على ذلك بأن الإرهاب وتحقيق أغراض سياسية، مرده ارتباط هذه التعريفات بالمراحل الأولى لظهور مفهوم الإرهاب، حيث كان الإرهاب متمثلا في ممارسة أعمال العنف المتبادل بين السلطة السياسية ومجموعة أو مجموعات أو منظمات الثوار المناهضين لها ورأى ان مفهوم الإرهاب لم يعد يقتصر على الصراع بين السلطة السياسية ومعارضها ولكنه قد يستخدم للابتزاز وتحقيق مآرب شخصية أو ذاتية . ثانيا :الإرهاب اصطلاحا سنتطرق للتعريف الاصطلاحي للإرهاب للبحث في مفهوم الظاهرة من خلال المجهودات التي بدلها الفقه وكذا التعريفات الواردة في العديد من التشريعات الوطنية . *التعريف الفقهي: دخلت فكرة الإرهاب عالم الفكر القانوني العقابي الذي انعقد في مدينة وارسو في بولاندا عام 1930م ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف المحاولات الفقهية لوضع تعريف جامع مانع للإرهاب. *الفقه العربي: عرف الدكتور حسنين عبيد الإرهاب بأنه ” الأفعال الإجرامية ضد الدولة والتي يتمثل غرضها أو طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص أو من عامة الشعب وتتسم الأعمال الإرهابية بالتخويف المقترن بالعنف مثل أعمال التفجير وتدمير المنشآت العامة وتحطيم السكك الحديدية والقناطر وتسميم مياه الشرب ونشر الأمراض المعدية والقتل الجماعي . ووضع الفقيه المصري الأصل الدكتور شريف بيسوني، رائد القانون في حقل الإرهاب تعريفا حديثا أخذت به فيما بعد لجنة الخبراء الإقليميين التي نظمت اجتماعاتها الأمم المتحدة في مركز فيينا ( 14-18 مارس 1988) الإرهاب هو استراتيجية عنف محرم دوليا، تحفزها بواعث عقائدية، وتتوخى أحداث عنف مرعب داخل شريحة خاصة من المجتمع من مجتمع معين، لتحقيق الوصول إلى السلطة، أو القيام بدعاية لمطلب أو لمظلمة، بغض النظر عما إذا كان مقترفوا العنف يعملون من أجل أنفسهم ونيابة عنها أو نيابة عن دولة من الدول” . والتعريف الذي قدمه الدكتور بسيوني هو أقرب التعريفات إلى الواقع العملي. الفقه الغربي: اختلف هذا الفقه وتضاربت آراءه بهذا الصدد، باختلاف المعايير التي يعتمدها أصحابها لتحديد مفهوم العمل الإرهابي وهو ما يمكن أن نعزوه إلى كل باحث يحمل أولويات معينة، وأفكار مسبقة، تسيطر على ذهنه في تحديد مدلول فكرة الإرهاب. • الاتجاه الأول : إن ما يميز العمل الإرهابي في هذا الاتجاه هو طابعه الإديولوجي فقد عرف ايريك دافيد الإرهاب بأنه ” عنف إيديولوجي يرتبط بأهداف سياسية . واعتمد صالدانا في تحديده لمفهوم الإرهاب على أعمال العنف السياسي حيث يعرف الجريمة الإرهابية بأنها “كل جناية أو جنحة سياسية يترتب عنها الخوف العام” وينحاز إلى هذا الاتجاه معظم الكتاب السياسيين في الغرب حيث عرف ليسرير وهو أحد كبار المسؤولين الأمريكيين المكلفين بدراسة موضوع الإرهاب، عرفه بأنه ” النشاط الإجرامي المتسم بالعنف الذي يهدف إلى التخويف من أجل تحقيق أهداف سياسية” وإذا كان يغلب على الجرائم الإرهابية أنها تتم لأهداف سياسية، فالهدف السياسي ليس بالضرورة أن يكون غالبا في الإرهاب كما يقول بيفابري إلا أن هذه الصفة ليست هي المميز الوحيد للعمل الإرهابي. • الاتجاه الثاني : يذهب هذا الاتجاه إلى أن ما يميز العمل الإرهابي عن الصفة العشوائية، فالعمل الإرهابي” هو عمل عنف عشوائي ” un acte de violence aux effets indicernés ” وأهم خصائص الإرهاب وفقا لهذا الاتجاه أنه ذو أثار غير تمييزية ، فالإرهاب لا يهمه تحديد أشخاص ضحايا بقدر ما تهمه النتائج والآثار التي تحدثها أفعاله. التشريع المغربي: أسرع المشرع المغربي عقب الأحداث الإرهابية التي عرفتها مدينة البيضاء بتاريخ 16 ماي بإخراج قانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب حيز الوجود والذي عدلت أحكامه مقتضيات مجموعة القانون الجنائي بإضافة الباب الأول مكرر ” الإرهاب” والذي نص على ما يلي : الفصل 1-218 : تعتبر الأفعال الجرائم الآتية أفعال إرهابية إذا كانت لها علاقة بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف : 1-الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص أو على سلامتهم أو على حرياتهم أو اختطافهم أو احتجازهم 2-تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو تزييف أختام الدولة والدمغات والطوابع والعلامات أو التزييف المنصوص عليه في الفصول 360-361-362 من هذا القانون. 3-التخريب أو التعييب أو الإتلاف. 4-تحويل الطائرات أو السفن أو أية وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال. 5-السرقة وانتزاع الأموال . 6-صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة خلافا لأحكام القانون . 7-الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات. 8-تزوير أو تزييف الشيكات أو أية وسيلة اداء أخرى المشار إليها على التوالي في المادتين 316 و 331 من مدونة التجارة. 9-تكوين عصابة أو اتفاق لأجل اعداد أو ارتكاب فعل من أفعال الإرهاب. 10-إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة إرهابية مع علمه بذلك. الفصل3-218 : يعتبر أيضا فعلا ارهابيا بالمفهوم الوارد في الفقرة الأولى من الفصل 1-218 اعلاه ادخال أو وضع مادة تعرض صحة الإنسان أو الحيوان أو المجال البيئي للخطر في الهواء أو في الأرض أو في الماء بما في ذلك المياه الإقليمية. يعاقب على الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه بالسجن من 10 إلى 20 سنة . تكون العقوبة هي السجن المؤبد إذا ترتب عن الفعل فقدان عضو أو بتره أو الحمان من منفعته أو عمى أو عور أو أية عاهة دائمة أخرى لشخص أو لأكثر تكون العقوبة هي الإعدام إذا ترتب عن الفعل موت شخص أو أكثر . الفصل 4-218 تعتبر أفعالا إرهابية الجرائم التالية: القيام بأية وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة بتقديم أو جمع أو تدبير أموال أو قيم أو ممتلكات بنية استخدامها، أو مع العلم أنها ستستخدم كليا أو جزئيا لارتكاب عمل إرهابي سواء وقع العمل المذكور أو لم يقع. تقديم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض . غير أن هذه التعاريف وما سار على نهجها تتضمن صعوبة بالغة في تحديد الماهية الحقيقية والشاملة للإرهاب لذا فإن كل تعريف يبقى قاصرا على تحديد الدلالة الشاملة لهذا المفهوم خاصة أن الخطاب الإعلامي المسيطر ما زال انتقائيا بامتياز في تحديد معنى الإرهاب . نقد وجهة نظر المشرع المغربي في تعريف جريمة الإرهاب. إن وجهة نظر المشرع المغربي في تعريفه لجريمة الإرهاب لن تسلم من النقد على غرار نظيره الفرنسي، الذي يعتبر من مرجعية له في العديد من القوانين ومنها قانون الإرهاب، وذلك باعتبار الصعوبات التي تواجه تحديد أو تعيين المقصود – في معنى قانوني ملزم- بعبارة المس الخطير بالنظام العام فضلا عن وسيلة الجاني إلى تحقيق هذه الغاية ( التخويف، الترهيب، والعنف)، يشوبها الغموض إذ أن التخويف أو الترهيب لسي إلا أثرا سيكولوجيا بصاحب الإرهاب ويتعلق بالضحية أكثر من تعلقه بالفاعل، وبعبارة أخرى ترى وجهة النظر هذه ترى أن المشرع المغربي أراد بالتخويف أو الترهيب أن تكون وسيلة الجاني إلى المس الخطير بالنظام العام هي الإرهاب، أي علينا أن نبحث مرة أخرى عن تعريف للإرهاب، لذا فإن الصياغة تبقى غير كافية وغير محددة وتؤدي إلى الخروج عن مبدأ الشرعية الذي يجب احترامه. وبالإضافة إلى ما تقدم فإن اللجوء إلى التخويف أو الترهيب أو العنف ليس حكرا على الإرهابيين، فقطاع الطرق والمجرمين الآخرين يرتكبون أعمالا شنيعة، ويستخدمون ذات الأساليب وهذا يعني أنه لا يوجد ما يحول دون تطبيق القانون بمكافحة الإرهاب على هؤلاء حتما حتى لو لم ينصرف قصد المشرع إلى تلك النتيجة. كذلك ثار التساؤل حول طبيعة الهدف المبتغى ( المس الخطير بالنظام العام) فالفصل 1-218 من مكافحة الإرهاب المغربي يعرف جريمة الإرهاب من خلال ارتكاب بعض الجرائم المنصوص عليها بالقانون العام في إطار مشروع ( مشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف) فهل قصد المشرع المغربي إضافة عنصر جديد طابع نفسي إلى العناصر المكونة للجريمة الأساسية، بحيث يصح القول بأن المشرع استحدث تجريما جديدا (جريمة الإرهاب) بإضافة هذا العنصر إلى جريمة القانون العام ( أي القانون الجنائي). قد يؤدي هذا النظر ان قانون مكافحة الإرهاب المغربي وضع في ظل اتجاه عام يرمي إلى نزع الصفة السياسية على العنف السياسي من خلال إزاحة دوافع فاعلية لحساب أخرى من شأنها إضفاء الطابع إرهابي على هذا العنف، ولكن يؤخذ على هذا النظر أن صياغة النص لا تحتمل هذا المعنى فضلا عن كون هذا المعنى يتنافى ومفهوم الغاية الذي أخذ به المشرع المغربي، ويترتب عن ذلك أن الفصل1-218 يحدد الجرائم التي إذا أثبت أنها على علاقة بمشروع فردي أو جماعي وهدفها المس الخطير بالنظام العام بالتخويف أو الترهيب أو العنف، تحقق ويفصل فيها وفقا للأحكام الخاصة الواردة في قانون مكافحة الإرهاب. وهذا يعني أن تظل العناصر القانونية للجرائم الواردة في الفصل 1-218 دون تغيير وأن تنحصر بالإضافة التشريعية في عنصر خارجي عن بنية الجريمة الأساسية تترتب عليه الآثار القانونية (موضوعية وإجرائية) التي أرادها المشرع بقانون مكافحة الإرهاب. الفقرة الثانية: الجهود القانونية الدولية في الاتفاقيات الدولية والإقليمية. بعد الانتشار السريع الذي عرفه الإرهاب على الصعيد العالمي، مستفيدا من التقدم التكنولوجي الذي حول العالم إلى قرية صغيرة، أصبح لزاما على كل دول العالم التعاون في ما بينها من أجل التصدي ومكافحة الإرهاب، وهذا ما يستفاد من العدد الهائل من الاتفاقيات، والمعاهدات الدولية في هذا الشأن ، سواء الإقليمية منها أو الدولية وهذا ما سنتطرق إليه في : أولا: الجهود القانونية الدولية في الاتفاقيات الدولية. إن الحديث عن مكافحة الإرهاب وتجريم الأفعال الإرهابية قد بد على المستوى الدولي منذ قيام عصبة الأمم البائدة التي انشأت في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ففي سنة 1937 ، صدرت عن عصبة الأمم اتفاقية تعرضت لقمع الإرهاب وألحقت بها بروتوكول يقضي بإقامة محكمة جنائية دولية مختصة للنظر في الإرهاب وتوالت الاتفاقيات الدولية في هذا الخصوص دون أن يكون للإرهاب مفهوم واضح بعيدا عن الضبابية والغموض . واستقر في الفكر القانوني أن الإرهاب هو مجموعة من الجرائم لم تحصر قائمتها، وتقترن بالقتل الجماعي وبالتخريب وتدمير المنشآت المدنية وتفجير الذات لقتل الغير وجرحه والإضرار به . وبالتالي ظل إرهاب يكتنفه الغموض، مما استعصى معه توافق دولي لتعريفه، وبهذا يستمر الرهان في العلم ويبقى الغموض سيد الموقف. ولما اعترضت المجتمع الدولي صعوبة تعريف الإرهاب ، ركز على وضع الإجراءات والتدابير الفعالة لمكافحته ومحاربته، وهو ما فعلته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبتاريخ29-12-1985 ، حيث أدانت جميع أشكال الإرهاب وأغفلت مسألة التعريف، الشيء الذي فعله البروتوكولان المضافان لمعاهدة جنيف 1949و1977 والذي يطلق عليهما ” ميثاق الارهابيين” كما فعل المؤتمر الثامن لمنع الجريمة ومعاملة السجناء المنعقد في هافانا سنة 1990، وكذلك مؤتمر الأمم المتحدة التاسع المنعقد في القاهرة سنة 1995، كما اعترضت الصعوبة مؤتمر روما الذي انعقد سنة 1998 وأثار جدلا قويا بين الوفود المشاركة حول ضرورة إعطاء مفهوم دولي للإرهاب ، إلى أن قال المندوب التركي:” إن عدم الوصل إلى الاتفاق على تعريف الإرهاب يشكل كارثة وفشلا ذريعا للمؤتمر”. وبالرجوع إلى اختصاصات المحكمة الدولية، فإنها لا تتضمن جريمة للإرهاب خوفا من تفسير هذه الكلمة، لأن ما قد يعبر عنه بالإرهاب، قد تكون له خلفيات سياسية وهو ما يعيد إلى الذاكرة الهجوم على اللاعبين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ سنة 1972، وتمكن صعوبة التعريف أيضا في عدم التمييز بين المقاومة التي تمارسها بعض حركات التحرير ضد الاحتلال، أو إرهاب بعض الدول لشعوبها كما هو الشأن بالنسبة للأنظمة الدكتاتورية أو ما يطلق عليه بصفة عامة ” إرهاب الدولة “. والملامح الأساسية للجرائم الإرهابية هي بواعثها وأهدافها السياسية، إن البواعث الإيديولوجية والسياسية، هي تقف وراء الجريمة الإرهابية، وبالتالي فإن مثل هذه الجرائم توصف عند البعض بالجرائم السياسية المختلطة ، وترتكب هذه الجرائم من طرف المؤسسات أو من الأفراد أو من الجماعات المتطرفة على حد سواء ، فالجرائم الإرهابية من صنع جماعات من الناس أو من عصابات غالبا ما ينتمي أفرادها إلى أكثر من دولة، والوسائل التي تستعمل في اقترافها فتيل الرعب و الخوف ، وأخطارها تكون شاملة وعامة تهدف إلى اتخاذ موقف معين أو الامتناع عنه كما أن الجريمة الإرهابية وسيلة وليست غاية. ومن جهة أخرى فإن منظمة الأمم المتحدة اهتمت هي الأخرى بجرائم الإرهاب وعقدت ندوات ومنتديات ومؤتمرات، تمخضت عنها مقررات وعدة اتفاقيات منها على الخصوص : • الإعلان الصادر عن الجمعية العمومية، والمتعلق بإزالة الإرهاب الدولي • اتفاقية منع إبادة الجنس البشري لعام 1948 • اتفاقية طوكيو لعام 1963 المتعلق بإدانة الأعمال غير القانونية على متن الطائرات • اتفاق مونتريال لعام 1971 المتعلق بإدانة خطف الطائرات • الاتفاق المتعلق بإدانة اختطاف الدبلوماسيين لعام 1973. • اتفاق إدانة احتجاز الرهائن لعام 1979 • اتفاق منع التعذيب لعام 1971 • اتفاق إدانة القرصنة البحرية عام 1988 • إعلان هلسنكي لعام 1975 التزمت بموجبه الدول الأروبية الامتناع عن مساعدة أي نشاط إرهابي. • اتفاقية جنيف لمنع ومعاقبة الإرهاب سنة 1973. • الإعلان الشهير للجمعية العمومية لسنة 1970 حول مبادئ القانون الدولي للصداقة والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة ، وتجدر الملاحظة إلى جانب هذه المواثيق فإن منظمة الأمم المتحدة لم تدخر جهدا في محاولة منها لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية حيث صدرت عنها اتفاقيات ذات أهمية قصوى نذكر منها تلك التي صادق عليها المغرب: • معاهدة الجرائم والأفعال الأخرى التي ترتكب على متن الطائرات الموقعة في طوكيو بتاريخ 14/09/1963 . • اتفاقية قمع جرائم الاعتداء على سلامة المدني الموقعة بمونتريال بتاريخ 23/09/1971 • معاهدة قمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات الموقع عليها بلاهاي بتاريخ 12/12/1970 . • اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية واللاإنسانية أو المهنية وهي المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30/12/1984 . • الاتفاقية الشهيرة، اتفاقية قمع تمويل الإرهاب الموقعة بنيويورك بتاريخ 10/01/2000 وهي الاتفاقية التي أكدت على القرار رقم 49/60 الصادر بتاريخ 09/12/1994 والمرفق بالإعلان المتعلق بالتدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولي وقد استمدت بعض أحكامها من اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية. • ويلاحظ من الاتفاقية ان تمويل الإرهاب يشكل مصدر قلق شديد للمجتمع الدولي، وأن خطورة أعمال الإرهاب الدولي تتوقف على التمويل الذي يحصل عليه الإرهابيون وهو ما أغفلته الاتفاقية والمواثيق الدولية السابقة، وألحت هذه الاتفاقية على الدول التي ستنظم إليها أن تعمل على تعزيز التعاون الدولي بين الدولي في اتخاذ تدابير فعالة لمنع تمويل الإرهاب فضلا عن قمعه من خلال محاكمة ومعاقبة مرتكبيه وبالفعل فإن التشريعات الوطنية على الصعيد الدولي وعند وضع قوانين الإرهاب قد استجابت إلى مقتضيات هذه الاتفاقية ، وهناك أيضا اتفاقية إقليمية عقدتها هذه الدول من أجل التعاون فيما بينها للتصدي لهذه الجريمة.


 

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)