الإثنين, 10-يناير-2011
شبكة أخبار الجنوب - نزار العبادي نزار العبادي - شبكة اخبار الجنوب -

بقراءة متأنية للساحة السياسية اليمنية وحراكها الديمقراطي تتجلى مؤشرات عديدة ترجح تراجع أحزاب اللقاء المشترك المعارضة عن قرار مقاطعة الانتخابات النيابية والامتثال لخيارات حتمية تمليها العديد من المعطيات.
فالمقاطعة قد تكون خياراً فتاكاً للعملية السياسية إن كان سيشل قدرة الحزب الحاكم على إجراء الانتخابات منفرداً, أو على أقل تقدير يجعل منها مغامرة ومجازفة, غير أن المؤتمر سبق له أن نجح في خوض انتخابات مجالس محلية ومحافظين رغم مقاطعة المشترك لها, ورغم أن الحراك كان في أوج نشاطه وأن المحليات أصعب من غيرها, وهو ما يجعل المشترك يستبعد إمكانية فشل الانتخابات في حال عدم مشاركة أحزابه, خاصة أن الاحتجاجات الشعبية لم تؤثر شيئاً في السابق.
أما من حيث الفرص فإن العرض المقدم من قبل المؤتمر في المشاركة بحكومة وحدة وطنية يشغل فيها المشترك نحو ثلث الحقائب الوزارية, فهو عرض منقذ للمشترك في ظل حساباته الميدانية المعقدة للغاية.
فالتجمع اليمني للإصلاح فقد الكثير من ثقله في المحافظات الجنوبية بفعل انقلاب جزء من قواعده إلى صفوف الحراك, فضلاً عن اهتزاز ثقته بالجزء الأكبر من النسبة الباقية وذلك على خلفية ثقافة الكراهية التي تفشت وفقاً لتعصب مناطقي, في الوقت الذي جميع قيادة الإصلاح ومكوناتها العليا ينتمون إلى محافظات شمالية.. وهذا يمثل أعظم عوائق مشاركته في الانتخابات.
ومن جهة أخرى فإن نتائج التجارب الانتخابية التي خاضها الإخوان المسلمون في عدد من الدول العربية تسببت له بفوبيا انتخابية, فقد مُنوا بهزيمة ساحقة في عقر دارهم بمصر وخرجوا بأقل من أصابع اليدين, وفي البحرين سقط حتى زعيم الإخوان المسلمين وجميع الرموز القيادية المؤسسة وكانت أسوأ من هزيمة المصريين, وفي الأردن قاطعوا الانتخابات فلم يؤثروا فيها قيد أنملة, وبالتالي فإن الحقائب الوزارية التي يعرضها المؤتمر تحفظ ماء وجه الحزب في حال تكبده أي خسائر كبيرة في رصيده الانتخابي السابق.
أما بالنسبة للحزب الاشتراكي اليمني فإن وضعه الميداني سيىء للغاية, إذ إن ثقله حيث منشأه في المحافظات الجنوبية تبدد بالكامل لصالح الحراك، بجانب أن هناك حملة شرسة جداً ضده من قبل فصائل الحراك التي تحمّله مسئولية كل الأحداث الدامية التي سبقت الوحدة, في محاولة من الحراك لتلميع صورته على حساب الاشتراكيين.. وبالتالي فإن مقاطعته الانتخابات تعني مزيداً من الوقت لمناوئيه لطمس وجوده من الجنوب نهائياً, في الوقت الذي تمنحه حكومة الوحدة الوطنية تثبيتاً لوجوده واعتباراً سياسياً حتى وإن لم يفز بأي مقعد برلماني.. والفرصة ذاتها ستتاح للوحدوي الناصري وكذلك حزب الحق الذي يواجه إشكالية قانونية مع لجنة الأحزاب.
وكما هو واضح يبدو قرار المقاطعة كما وصفها الرئيس بالضبط (انتحاراً سياسياً) طالما أن المؤتمر له تجربة سابقة في خوض الانتخابات منفرداً ويمتلك القدرة على الحشد, وتمتلك حكومته الخبرة في التعامل مع التحديات الأمنية التي تستهدف تعطيل الانتخابات, وكذلك في التعامل مع التجمعات الانتخابية التي قد تحركها الأحزاب لتعكير الجو الانتخابي أسوة بما حدث إبان انتخابات المجالس المحلية والمحافظين.. وبذلك فإن استحواذ المؤتمر على البرلمان يعني طمس صوت المنبر الأقوى للمعارضة, فضلاً عن كونه سيكفل له فرصة تشريع ما قد يقزم هذه الأحزاب ويحد من نشاطها قانونياً.
ومن خلال ردود أفعال المشترك يمكن ملاحظة تركيزه على موضوع التعديلات الدستورية وتجاهله الانتخابات, وهو مؤشر على أن الحزب الحاكم ربما لعب بورقة التعديلات للضغط على المعارضة للمشاركة تفادياً لعواقبها.. وأعتقد أنها ورقة ذكية، وقد يكون تراجع المشترك عن المقاطعة مقروناً بتوافق على إرجاء موضوع التعديلات مؤقتاً حتى يتم التفاهم على بعض مفرداته.


 

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 12:02 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.alganob.net/g/showdetails.asp?id=5254