الخميس, 19-أغسطس-2010
شبكة أخبار الجنوب - عباس غالب عباس غالب -

دوام الحال من المحال, وهذا الأمر ينطبق على كل شيء بما في ذلك علبة الحقين وحبة اللحوح وصحة الإنسان، وأجرة التاكسي، وكل شيء.
وأكثر الأشهر مدعاة للتأمل إزاء تغير أحوال الأشياء والناس والتصرفات هو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الكريم ليكون شهراً للرحمة والمغفرة والتوبة; غير أن بعضاً من الجشع وكثيراً من السوء طغت على تصرفات البعض, ونسوا تماماً المعاني والقيم النبيلة التي يحث عليها الدين الإسلامي في هذا الشهر الفضيل.
بعض المصنّعين عملوا عكس الدلالة التي تعني أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار, حيث قام بعض هؤلاء – مثلاً – بتخفيض عبوات المواد المصنّعة من الألبان في أول أيام الشهر الفضيل إلى ما دون 25 في المائة, وهكذا فعلوا في وسطه, وأخشى أن تأتي أواخر الشهر وقد باعوا لنا داخل علب الألبان مجرد هواء!!.
وعلى نفس الشاكلة يقوم أصحاب الملابس باستغلال الشهر الكريم للمغالاة في أسعار الأحذية والجوارب وملابس الأطفال, حيث يعلنون على أبواب محلاتهم عبارات تشير إلى عدم المفاصلة, وعدم إعادة البضاعة.
 وهكذا يفعل تجار المواد الغذائية, فبدلاً من أن يذهبوا إلى المساجد إلى التعبد وقراءة القرآن; تراهم يُخرجون سجلاتهم لتخفيض أرقام بياناتهم تحايلاً على الضرائب وتدوين أرباحهم الخيالية على أصحاب الدخول المحدودة, فضلاًً عن تهربهم من أداء الزكاة لولاة الأمر; حيث يصرفونها أو جزءاً يسيراً منها على بعض المسئولين مجاملة!!.
ولأن الحال كله على بعضه متداخل, فأنت لا تجد أحداً خارج هذه الدائرة، ويتم فهم رمضان فمهماً خاطئاً, حيث الهلع عند الناس جميعاً كبير للبحث عن فرص الحصول على المال ولو بطرق ملتوية وحلزونية.
 وتزداد أطماع الناس فلا يعيرون المعاني العظيمة لدلالات الشهر الفضيل الذي يحث على التآلف والمحبة والتعاون, فضلاً عن غياب الاقتصاد والترشيد في الاستهلاك أي اهتمام.
ربما كانت حالة الشره القائمة هي واحدة من الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذه الحالة من الالتباس والأزمات التي تلحق باقتصاد السوق والتأثير على الأسعار.
< < <
منذ أيام استمعت إلى مداخلة لأحد أعضاء مجلس الشورى في بلادنا وهو يتحدث عن أرقام مهولة تشير إلى أحد جوانب أزمتنا الاقتصادية, حيث يشير إلى أننا نستورد ملايين الأطنان من القمح سنوياً تذهب نسبة كبيرة منها إلى براميل القمامة, فهل يعقل هذا؟!.
إن الترشيد في الإنفاق واحدة من القيم التي يحثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف, ولكننا في واقع الأمر أكثر الشعوب إسرافاً وتبذيراً وقلة في تدبر أمورنا الحياتية.
ويكفي بالإشارة النظر إلى حجم الزبالة التي تخرج من بيوتنا عقب وجبة الإفطار وتذهب رأساً إلى براميل القمامة وبصورة فجّة وغير منسجمة مع تعاليم الإسلام الحنيف الذي يحث المسلم على الاقتصاد والترشيد وعدم البذخ والإسراف.
لعلنا نجد في السلف الصالح النماذج الحضارية في الحث على التكافل والإيثار والاقتصاد في الإنفاق, فقد كان السلف الصالح يقدمون في سلوكهم أنموذجاً حضارياً لتلك الممارسات والقيم الحضارية في نكران الذات والتجرد عن الأمور المادية والتقشف في العيش ورفض كل مظاهر البذخ والإسراف.
وللنصيحة, فما أحوجنا اليوم وقد امتد طغيان الأنانية والاستعلاء والشره في ملاحقة أمور الدنيا, وكأن البشر مخلّدون إلى الأبد, مع أن الإنسان لا يضمن لنفسه البقاء جزءاً من الثانية. ولذلك قلنا: إن دوام الحال من المحال.. وشهر كريم.


 

تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 08:42 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.alganob.net/g/showdetails.asp?id=3929