الخميس, 17-يونيو-2010
شبكة أخبار الجنوب - د - سعاد سالم السبع د - سعاد سالم السبع - شبكة اخبار الجنوب -
ما من أب ولا أم إلا وهو قلق بشأن مصير الأبناء والبنات بعد الاختبارات؛ كيف سيقضون الإجازة ؟ وأين؟ وهل ستمر الإجازة المدرسية بسلام على أبنائنا وبناتنا؟ يفترض أن ننتظر الإجازة بفارغ الصبر، وأن نعد لها البرامج الترفيهية والعلمية والاجتماعية الغنية التي تجعل الإجازة برداً وسلاماً على جميع القلوب، ونجعلها فعلاً فترة ممتعة لنا ولأولادنا، وتعيد لنا ولهم النشاط والحيوية والشوق لبدء عام دراسي جديد، لكن الواقع اليمني يفرض علينا غير ذلك في ظل غلاء المعيشة.
 ولذلك فقد شرعت كل الأسر تعد العدة لاستقبال صيف ساخن مليء بالمفاجآت غير السارة من قبل الأطفال في ظل الفراغ القادم الذي ينتظرهم ، والذي -لا شك- أن لدى الأطفال خططاً ذكية لا يمكن أن نتوقعها لاستثمار أوقاتهم أثناء فترة الإجازة في رفع درجة الخوف في عقول وقلوب الكبار عليهم، وتعكير حياة الآباء والأمهات بمشاغباتهم، وإقلاق المرضى والمريضات بضوضائهم، وتحدي كبار السن الملازمين لبيوتهم، وفي إدخال الأسرة مع الجيران في معارك يومية تزيد من حدة التباعد الذي فرضته علينا العولمة...
 كيف يحمي الكبار أنفسهم وأطفالهم من مخاطر فراغ إجازة الصيف؟
 في المقدمة يجب أن يسارع الآباء والأمهات إلى تسجيل أبنائهم وبناتهم في الأنشطة الصيفية المجانية المتاحة في الحارة؛ كتحفيظ القرآن الكريم، والنوادي الرياضية، والمخيمات الصيفية إن وجدت، مع الاهتمام بزيارة أولياء الأمور لهذه الأماكن، ومتابعة ما يتلقاه الطفل في هذه الحاضنات، ومناقشة الطفل يومياً بعد عودته من هذه الأماكن عما يحدث فيها، وعما يثار فيها من معارف وقيم وسلوكيات حتى يطمئنوا على أولادهم فيها .
 أما عن كيفية شغل بقية أوقات الأطفال بقليل من التكاليف؛ فربما من المناسب تذكير الكبار بحكاية سياسية يمكن استثمارها تربوياً، حيث يحكى أن والياً حكيماً كان مهموماً بمحاربة الفئران التي غزت قريته، وأخذت تعبث بالأخضر واليابس في وضح النهار دون خوف من أحد، ومع أن الوالي غارق في البحث عن حلول لهذه المشكلة إلا أن المحيطين به لا يشعرون بمعاناته، فهم يزعجونه ويستهلكون وقته بكثرة التقرب إليه من أجل أن يختار منهم وزيراً له، والعجيب فيهم أن كل واحد منهم يشغل وقت الوالي في تقديم نفسه للوزارة ، وفي إقناع الوالي بأحقيته في الوزارة، وأن غيره لا يستحقها دون المساهمة في حل مشكلة الفئران.
 فقرر الوالي أن يعلمهم – بطريقة غير مباشرة- أن في البلد مشكلات عامة هو مهموم بها، وأن عليهم مشاركته ذلك الهم بدلاً عن شغله عن عمله، فجمعهم ذات مساء في مجلس واحد وأعلن للجميع أن من جاءه صباح الغد بكيس مملوء بالفئران الحية فسوف يكون هو الوزير.
 انصرف الجميع بأكياسهم نشطين لجمع الفئران، وفي الصباح جاء جميعهم بدون تحقيق الشرط، إلا واحداً منهم، فقد جاء بكيسه مملوءاً بالفئران الحية، ولذلك فاز بالوزارة برضا الجميع، الذين اقتنعوا- بالتجربة- أن المهام الصعبة تحتاج إلى العمل المستمر بحكمة وذكاء ..
وحينما سأله الوالي: كيف استطعت الحفاظ على الفئران أحياء داخل الكيس؟ قال الوزير الذكي: لقد انتبهت لحيلهم؛ ولم أغفل عنهم لحظة واحدة، وشغلتهم طوال الوقت حتى هذه اللحظة، فلم يتمكنوا من قضم الكيس والهرب مني.
 ومع أن الفارق كبير بين طريقة استثمار وقت الأطفال وطريقة إلهاء الفئران ؛ فإن هذه الحكاية تعلمنا أن الفراغ هو المشكلة الأساسية في حياة الطفل؛ وإذا لم يُستثمر وقت الطفل في المفيد، فسوف يستثمره الطفل في غير المفيد، شئنا أم أبينا..
 فكيف نستفيد من هذه الحكاية في شغل أوقات أطفالنا بتكاليف بسيطة؟ هذا ما سيتناوله المقال القادم .
 (*) أستاذ المناهج المشارك بكلية التربية ـ صنعاء
عضو الجمعية اليمنية للعلوم التربوية والنفسية
suadyemen@gmail.com
تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 02:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.alganob.net/g/showdetails.asp?id=3393