السبت, 16-يناير-2010
شبكة أخبار الجنوب - نور با عباد نور با عباد - شبكة اخبار الجنوب -
تتخذ بعض الدوائر من نشاطها وواجبها اليومي دعاية إعلامية أشبه بعذر أقبح من ذنب، حيث أصبحت مقاييس العمل غير متوازنة، والأداء محدوداً وغير منظم لا يستهدف البشر بدرجة أساسية باعتبارهم ثروة اقتصادية في قاموس التنمية البشرية، وصارت الخدمات تسير بطريقة آلية لا يعنيها العنصر البشري، لذا لا نجد في الأمر لا توجيهاً ولا رقابة ولا عقاباً؛ بل لا تقييماً للمخرجات والأثر.
ويتجلى ذلك في أن النظافة مثلاً أصبحت ممارسة شكلية، بل المؤلم أن معظم الناس ينظرون إليها وكأنها لا تعنيهم إلا في منازلهم، أما دون ذلك كالحي أو المدينة فهو مقلب كبير.
 وما زاد الأمر سوءاً هو تلك الممارسات السلبية والتي دوماً تكاد تكون سمة مجتمعنا، حيث نجد عدوانية مستمرة على البيئة، فترى أطفالاً وشباباً يدمرون البيئة، فهذا يكسر جذع شجرة ويهش بها الحيوانات، وذاك يشخبط في الشاخصات المرورية وأبواب المؤسسات، وآخر يبصق ويرمي ببقايا القات وغيرها من الممارسات التي يندى لها الجبين خجلاً.
 بل إن البعض يعتبر السيارة "لوكندة" ولا بأس أن لديه قارورة ماء للصباح والبقية تعرفونها، حيث لا صلاة بالطبع، هذا نمط سلبي ينتشر كالنار في الهشيم في شوارعنا ومنازلنا، نمط خطير في التربية السلوكية؛ كون مؤسسة هامة لخلق الوعي لا تتناوله بجدية وخاصة وزارة الأوقاف والإرشاد.
 ولا بأس من تناوله في مؤسسة المسجد لما لها من إشعاع على المصلين ومن نصح الناس لأنفسهم، ونقل هذه الرسالة إلى الآخرين، ولا بأس أن تشكل فرق من الشباب وعلماء الدين للتوعية وتصحيح الوضع وتبيان خطر تلك الممارسات من منظور ديني، فالإسلام نهى عن أذى الطريق وقد فرض علينا النظافة من خلال الوضوء والاغتسال.
لذا نحن بحاجة للتوعية وإزالة هذه الصورة النمطية السلبية التي خلفتها وكرستها ثقافة القات بدءاً بالبحث في مسألة توفير المال لشرائه مروراً بعملية تناوله "تخزينه" والأماكن التي يتم فيها ذلك؛ مما أساء إلى الكثير وخلق صورة نمطية مشوهة عن اليمنيين وهم يخزنون من الصباح الباكر وأفقدوا أنفسهم والبلد صورة لطالما كانت محفورة في ذاكرة العالم بأن اليمني إنسان منتج، واستبدلوه بصور لليمني مُخزناً خده متورماً؛ يقضي وقته ويصرف ما في جيبه عبداً طيعاً للشجرة الخبيثة وما تخلفه عملية المضغ من استسلام واستصغار عند المخزن ورضا بالواقع ولا مبالاة بمعطيات الأمور.
 ولئن استرضاه البسطاء وبحكم محدودية ثقافتهم إلا أن مثقفينا لم تسعف ثقافة كثيرين منهم، وأغلبهم على مستوى عالٍ من الثقافة والقدرة على المقارعة والمقاومة.
 بل إنهم استسلموا لمضار القات وما يكرسه من خمول ودونية واحتواء فكري، فبدلاً من مقارعته والتقليل منه إن لم يكن الامتناع؛ إذا بمبررات عجيبة تظهر منها أنه يقي الناس من المخدرات بينما هي اليوم تنتشر تهريباً وتمريراً لدول أخرى وبيعاً في البلد، فأين القات لا يناطحها، وأين القات لا يناطح زراعته في ذلك الكم من الأسمدة التي يغمر بها المزارع أشجار القات لتستقر في أوراقه وتستوطن جسم المتعاطي وتنمو مسرطنات في جسم الماضغ، في ظل تفرج وغياب الجهات المعنية إلا من نظريات واستراتيجيات لا تغني ولا تسمن من جوع؟!.
حقيقة انتشرت أمراض لها من الأذى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي تتراشقها الأوساط الحزبية والسياسية دون وقفة جادة لذلك الموقف الضعيف من قبل الجهات المعنية وكأن خسارة صحة المواطن وماله وثروته الزراعية وخطر استخدام المبيدات لا يعنيها.
لقد أصبح القات في ظل الانتشار السيئ له مثل الأفيون الذي تسلط على الشعب الصيني الذي رأى أنه في الأخير خطر يجب عليه مقاومته، واتجه نحو العمل والانضباط والإبداع، ولا يغيب عن البال أنه البلد الأكثر كثافة سكانية والذي قنن الإنجاب وأعاد تنظيم حياته واعتبر الأفيون والمخدرات محرمة عقوبتها الإعدام، وهاهو اليوم يشكل قوة رئيسية في الاقتصاد العالمي تحسب له الدوائر الغربية والنظام العالمي الجديد ألف حساب.
نحتاج لصحوة تعيد ترتيب البيت اليمني قيماً وسلوكاً، ونزيل النظرة النمطية من كسل ولا مبالاة تكاد تستوطن بلادنا الذي وللأسف الشديد غابت الجماليات عنه، وتسيدت قيم تكرس الكسل والتكرار وغابت عنها قيم الإبداع والإخلاص.
إننا وكما نحتاج لإعلام وإرشاد ناصحين؛ فنحن نحتاج لتنمية حقة، ونحتاج لهيئة وطنية تصحح من حالنا لنخطو باليمن السعيد إلى الأمام بالعمل والقضاء على مثبطات نهضة لن تتم إلا بالإرادة.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 01:45 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.alganob.net/g/showdetails.asp?id=1904