الأحد, 06-ديسمبر-2009
شبكة أخبار الجنوب - نزار العبادي نزار العبادي -
لاشيء يغلب المنطق سوى المعجزات الإلهية، وحتماً أن التمرد حين فجّر حروبه لم يكن يراهن على «معجزة إلهية» لأن أمرها بيد الله وحده، لذلك راهنت السلطة بثقة عالية على دحر فلوله، والقضاء على كل مايمت لفتنته بصلة لأنه لم يؤمن بالمنطق الذي هو النتاج الفكري المستخلص من تجارب الواقع والبديهيات المفروضة بقوانين الطبيعة والخلق الإنساني.
عندما وضع هذا المتمرد نفسه فوق إرادة دولتين، فإنه كان غارقاً بغروره أولاً، وثانياً مخدوعاً بحسابات ووعود أربابه الذين وجدوا فيه غباءً كافياً لاستخدامه كأداة ماإن ينتهي الغرض منها حتى ترمى جانباً دون اكتراث لما سيؤول إليه مصيرها.. لذلك فإن المتمرد بدأ بالتقاط أنفاسه الأخيرة.
أمس وجه المدعو الحوثي رسالة إلى حلفائه يقر فيها بالهزيمة، ويستغيثهم بأنه لم يعد لديه مقاتلين وبات في حال من الضعف الشديد بعد أن قهرت فلوله السلطة، وأنه لم يعد أمامه سوى أن يحتسب أمره لله، متوسلاً إياهم بأن لايخذلوه .. لكنهم سيخذلونه فعلاً لأن مدة صلاحيته نفدت، ولأنه لايمكن أن يبقى خادماً مطيعاً لفترة أطول، لأن من لديه الاستعداد أن يخون وطنه، ويصوّب مدافعه إلى صدور أبناء شعبه وأهله وجيرانه، ويدمر مدينته التي هي مسقط رأسه ورؤوس أسلافه، ماالذي سيمنعه من خيانة الغرباء والغدر بهم..!؟
حتى قبل يومين كان يترقب فرصة أخيرة من المبادرات من أربابه لإنهاء الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الزعماء وعلية القوم فيضفي لنفسه وزناً واعترافاً إلا أن المفاجآت كانت بانتظاره لتوجه له الضربة القاضية..
فالمفاجأة الأولى كانت سعودية، تخللت زيارة خادم الحرمين إلى جازان، حيث وجّه جلالة الملك ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية للنازحين في مدة أقصاها عام.. وهذا يعني أن هناك قراراً سياسياً اتفقت عليه اليمن والسعودية بأن الحرب لن تنتهي بالنصر العسكري فقط وإنما بالقضاء على كل مخلفات التمرد واجتثاثها من عروقها كي تنقطع أي احتمالات لحرب سابعة..
أما المفاجأة الثانية التي أعقبت الأولى ببضع ساعات فهي إعلان صنعاء رفضها استقبال وزير الخارجية الإيراني «متكي» الذي كان يعتزم إطلاق مبادرة لإيقاف الحرب بتسويات بين الدولة والمتمردين.. فكان أن اتضحت الرؤيا لقائد التمرد لأول مرة بأن لا أمل له في النجاة من مصيره المحتوم طالما والدولتان اللتان اعتدى عليهما لديهما الاستعداد لمواصلة القتال لسنوات حتى يتم اجتثاث آخر عنصر متمرد..
وفي الحقيقة أن هذه النهاية لم يفرضها نظاما اليمن والسعودية بل هو المنطق الذي تفرضه الإرادة الشعبية، وتمليه الحسابات الواقعية لموازين القوى، والكثير من الأمور المرتبطة ببروتوكولات الساحة الدولية، فلم يسبق للمجتمع الدولي أن دعم زعيم عصابة متمردة ليدعم متمرد صعدة اليوم.. لكن للأسف هرول المتمرد وراء غروره وأوهام العمالة الخارجية وخيل له أنه سيكون أشطر من شقيقه«يحيى» فيفوز بالسلطة والمال والجاه معاً، لكنه يكتشف اليوم أنه لم يعد يملك حتى حياته..
تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 06:59 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.alganob.net/g/showdetails.asp?id=1526